كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل

Admin

Administrator
طاقم الإدارة
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
320
مستوى التفاعل
46
%D8%B9%D8%A7%D8%A8%D8%B1-%D8%B3%D8%A8%D9%8A%D9%84.jpg

روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال:
” كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ” .

اياك ان تظن انك جزء من الدنيا ، فالدنيا كانت قبل مجيئك وميلادك بمئات الألوف من ملايين السنين ، وستظل وستبقى بعد ان ترحل عنها الى الحياة الآخرة ،
وانما انت زائر لها لمدة وجيزة يسيرة تكاد ان تكون لا شيء في عمر الدنيا ،
أو عابر سبيل يمر عليها في رحلته الى مصيره الابدي المحتوم ، فتزود من الدنيا ما يكفيك ويغنيك في مقصدك وعودتك ، ولا تفارقها صفر اليدين ،
وبلا عمل صالح أو خير من عبادة وصدقة .

معنى أو عابر سبيل
قال الطيبي : كلمة” أو ” في قوله ( أو عابر سبيل) بمعنى “بل” ،
فشبّه الناسك السالك بالغريب الذي ليس له مسكن يأويه ولا مسكن يسكنه،
ثم ترقى هو إلى عابر السبيل ، لأن الغريب قد يسكن في بلد الغربة ،
بخلاف عابر السبيل القاصد لبلد شاسع وبينهما أودية مردية ومفاوز مهلكة وقُطاّع طريق ، فإن من شأنه أن لا يقيم لحظة ولا يسكن لمحة .
والمعنى استمر سائرا ولا تفتر فإنك إن قصرت انقطعت وهلكت في تلك الأودية وهذا معنى المشبه به.

الفرق بين الغريب وعابر السبيل
قال ابن بطال : لما كان الغريب قليل الانبساط إلى الناس بل هو مستوحش منهم إذ لا يكاد يمر بمن يعرفه مستأنس به فهو ذليل في نفسه خائف،
و عابر السبيل لا ينفذ في سفره إلا بقوته عليه وتخفيفه من الأثقال غير متثبت بما يمنعه من قطع سفره معه زاده وراحلته يبلغانه إلى بغيته من قصده .

معنى حديث كن في الدنيا كانك غريب أو عابر سبيل
في الحديث إشارة إلى إيثار الزهد في الدنيا وأخذ البلغة منها والكفاف،
فكما لا يحتاج المسافر إلى أكثر مما يبلغه إلى غاية سفره فكذلك لا يحتاج المؤمن في الدنيا إلى أكثر مما يبلغه المحلّ.
وقال النووي : “معنى الحديث لاتركن إلى الدنيا ولا تتخذها وَطَناً ولا تحدث نفسك بالبقاء فيها ولا تتعلق منها بما لا يتعلق به الغريب في غير وطنه”
وقال الحافظ ابن حجر : قيل : عابر السبيل هو المار على الطريق طالبا وطنه ،
فالمرء في الدنيا كَعبْد أرسله سيده في حاجة إلى غير بلده ،فشأنه أن يبادر بفعل ما أرسل فيه ثم يعود إلى وطنه ولا يتعلق بشيء غير ما هو فيه .
وقال غيره :المراد أن ينزل المؤمن نفسه في الدنيا منزلة الغريب فلا يعلق قلبه بشيء من بلد الغربة بل قلبه متعلق بوطنه الذي يرجع “.
قلت : فنحن قد سيّرنا الله واليه نعود .

قصر الأمل
الحديث يفيد في قصر الأمل ويقويه ويعدم طول الأمل ،
ويفيد الغني والفقير على حد سواء ، فالمعدم لا يجد في نفسه حسرة على أنه لم يملك شيئا من زينة الدنيا وزخرفها وباطنها ،
والمَلِك لا يخشى على مُلْكِه من ابن أو أخ أو عمّ، متربص يريد أن ينقض على انتزاعه ، او عدو يجهز للزحف اليه ، أو آفة من مرض أو زلزال يدمر سلطانه وممتلكاته ،
فكلاهما -الغني والفقير – راحل عن الدنيا .