تفسير وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا

Admin

Administrator
طاقم الإدارة
المحلاوي
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
605
مستوى التفاعل
104
جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا

الشعوب والقبائل في القرآن


قال ابن جرير الطبري :

وقوله: {وجعلناكم شعوبا وقبائل } [الحجرات: 13] ،​

يقول: وجعلناكم متناسبين، فبعضكم يناسب بعضا نسبا بعيدا، وبعضكم يناسب بعضا نسبا قريبا؛​

فالمناسب النسب البعيد من لم ينسبه، أهل الشعوب، وذلك إذا قيل للرجل من العرب: من أي شعب أنت؟ قال: أنا من مضر، أو من ربيعة،​

وأما أهل المناسبة القريبة، أهل القبائل، وهم كتميم من مضر، وبكر من ربيعة،​

وأقرب القبائل، الأفخاذ وهما كشيبان من بكر ودارم من تميم، ونحو ذلك.​

وقوله: {لتعارفوا} يقول: ليعرف بعضكم بعضا في النسب،​

يقول تعالى ذكره: إنما جعلنا هذه الشعوب والقبائل لكم أيها الناس، ليعرف بعضكم بعضا في قرب القرابة منه وبعده، لا لفضيلة لكم في ذلك، وقربة تقربكم إلى الله، بل أكرمكم عند الله أتقاكم.​

قلت : وأهم ما جعل من أجله التعارف في الأنساب ، هو باب المواريث والفرائض والأولى و الأحق بمال المتوفي ، وباب المحارم في النكاح ، وأبواب أخرى من الأحكام.​

وقال القرطبي :

حكى أبو عبيد عن ابن الكلبي عن أبيه: الشعب أكبر من القبيلة ثم الفصيلة ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ. وقيل: الشعب ثم القبيلة ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ ثم الفصيلة ثم العشيرة، وقد نظمها بعض الأدباء فقال:​

اقصد الشعب فهو أكثر حي … عددا في الحواء ثم القبيله
ثم تتلوها العمارة ثم ال … بطن والفخذ بعدها والفصيله
ثم من بعدها العشيرة لكن … هي في جنب ما ذكرناه قليله
وقيل: إن الشعوب عرب اليمن من قحطان، والقبائل من ربيعة ومضر وسائر عدنان. وقيل: إن الشعوب بطون العجم، والقبائل بطون العرب ، -كما أن الأسباط بطون بني إسرائيل-.
وقال ابن عباس في رواية: إن الشعوب الموالي، والقبائل العرب، قال القشيري: وعلى هذا فالشعوب من لا يعرف لهم أصل نسب كالهند والجبل والترك، والقبائل من العرب.

معناها في اللغة و الشعوبية :

قال القرطبي : والشعب من الأضداد، يقال شعبته إذا جمعته،​

وشعبته إذا فرقته، ومنه سميت المنية شعوبا لأنها مفرقة.
فأما الشعِب (بالكسر) فهو الطريق في الجبل، والجمع الشعاب.
قال الجوهري: الشعب: ما تشعب من قبائل العرب والعجم، والجمع الشعوب. والشعوبية: فرقة لا تفضل العرب على العجم.

ما الحكمة في اختيار النسب من جملة أسباب التفاخر، ولم يذكر المال؟

قال فخر الدين الرازي : ما الحكمة في اختيار النسب من جملة أسباب التفاخر، ولم يذكر المال؟
نقول الأمور التي يفتخر بها في الدنيا وإن كانت كثيرة لكن النسب أعلاها، لأن المال قد يحصل للفقير فيبطل افتخار المفتخر به، والحسن والسن، وغير ذلك غير ثابت دائم، والنسب ثابت مستمر غير مقدور التحصيل لمن ليس له فاختاره الله للذكر وأبطل اعتباره بالنسبة إلى التقوى ليعلم منه بطلان غيره بالطريق الأولى.

هل يعدم اعتبار النسب ؟ :

فإن قيل هذا مبني على عدم اعتبار النسب، وليس كذلك فإن للنسب اعتبارا عرفا وشرعا، حتى لا يجوز تزويج الشريفة بالنبطي،
فنقول إذا جاء الأمر العظيم لا يبقى الأمر الحقير معتبرا، وذلك في الحس والشرع والعرف،
أما الحسن فلأن الكواكب لا ترى عند طلوع الشمس، ولجناح الذباب دوي ولا يسمع عند ما يكون رعد قوي، وأما في العرف، فلأن من جاء مع الملك لا يبقى له اعتبار ولا إليه التفات،
إذا علمت هذا فيهما ففي الشرع كذلك، إذا جاء الشرف الديني الإلهي، لا يبقى الأمر هناك اعتبار، لا لنسب ولا لنشب(1)، ألا ترى أن الكافر وإن كان من أعلى الناس نسبا، والمؤمن وإن كان من أدونهم نسبا، لا يقاس أحدهما بالآخر، وكذلك ما هو من الدين مع غيره،
ولهذا يصلح للمناصب الدينية كالقضاء والشهادة كل شريف ووضيع إذا كان دينا عالما صالحا، ولا يصلح لشيء منها فاسق، وإن كان قرشي النسب، وقاروني النشب، ولكن إذا اجتمع في اثنين الدين المتين، وأحدهما نسيب ترجح بالنسب عند الناس لا عند الله لأن الله تعالى يقول: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى [النجم: 39]، وشرف النسب ليس مكتسبا ولا يحصل بسعي.
________
(1)النَّشب : المال أو العقار .
 
التعديل الأخير:
أعلى أسفل
}