مَنْزِلَةُ الإِنَابَة

Admin

Administrator
طاقم الإدارة
المحلاوي
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
615
مستوى التفاعل
106
منزلة الانابة

إِنَّ إِبۡرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٞ ‌مُّنِيب

قال ابن القيم في مدارج السالكين :

قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مَنْ نَزَلَ مِنْ مَنْزِلِ التَّوْبَةِ وَقَامَ فِي مَقَامِهَا نَزَلَ فِي جَمِيعِ مَنَازِلِ الْإِسْلَامِ،
فَإِنَّ التَّوْبَةَ الْكَامِلَةَ مُتَضَمِّنَةٌ لَهَا، وَهِيَ مُنْدَرِجَةٌ فِيهَا..
فَإِذَا اسْتَقَرَّتْ قَدَمُهُ فِي مَنْزِلِ التَّوْبَةِ ، نَزَلَ بَعْدَهُ مَنْزِلَ الْإِنَابَةِ.
قلت : التوبة هي رجوع الجوارح عن المعصية وندم النفس ،
والانابة هي اقبال القلب واطمئنانه .

الدليل الشرعي على منزلة الانابة :


وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فِي كِتَابِهِ، وَأَثْنَى عَلَى خَلِيلِهِ بِهَا، فَقَالَ {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} [الزمر: 54] ،
وَقَالَ {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود: 75]
وَأَخْبَرَ أَنَّ آيَاتِهِ إِنَّمَا يَتَبَصَّرُ بِهَا وَيَتَذَكَّرُ أَهْلُ الْإِنَابَةِ، فَقَالَ {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا} [ق: 6] إِلَى أَنْ قَالَ {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [ق: 8]
وَقَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ} [غافر: 13]
وَقَالَ تَعَالَى {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الروم: 31] الْآيَةَ
ف" َمُنِيبِينَ " مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي قَوْلِهِ " {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} [الروم: 30] " لِأَنَّ هَذَا الْخِطَابَ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ، أَيْ أَقِمْ وَجْهَكَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْمَفْعُولِ فِي قَوْلِهِ {فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] أَيْ فَطَرَهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ، فَلَوْ خُلُّوا وَفَطَرَهُمْ لَمَا عَدَلَتْ عَنِ الْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، وَلَكِنَّهَا تَتَحَوَّلُ وَتَتَغَيَّرُ عَمَّا فُطِرَتْ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ "وَفِي رِوَايَةٍ: عَلَى الْمِلَّةِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهُ لِسَانُهُ» ،
وَقَالَ عَنْ نَبِيِّهِ دَاوُدَ {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24] ،
وَأَخْبَرَ أَنَّ ثَوَابَهُ وَجَنَّتَهُ لِأَهْلِ الْخَشْيَةِ وَالْإِنَابَةِ، فَقَالَ {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ} [ق: 31]،
وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْبُشْرَى مِنْهُ إِنَّمَا هِيَ لِأَهْلِ الْإِنَابَةِ، فَقَالَ {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى} [الزمر: 17] .

مَعْنَى الْإِنَابَةِ

في اللغة :​

نوب: نابَ الأَمْرُ نَوْباً ونَوبةً: نزلَ .​

والنَّائِبَةُ: المُصيبةُ، وَالنَّائِبَةُ: النازلةُ ، والنَّوائِبُ: جَمْعُ نائبةٍ، وَهِيَ مَا يَنُوبُ الإِنسانَ أَي يَنْزِلُ بِهِ مِنَ المُهمَّات والحَوادِثِ.​

و النَوْبة : انْتابَ الرجلُ القومَ انْتياباً إِذا قصَدَهم، وأَتاهم مَرَّةً بَعْدَ مَرَّة، وَهُوَ يَنتابُهم، وَهُوَ افْتِعال مِنَ النَّوبة.​

والنوبة : الدَّوْلة ، نَتَناوَب الأمر إِذا قُمنا بِهِ نَوبةً بَعْدَ نَوبة ، تَقُولُ: جاءتْ نَوْبَتُكَ ونِيابَتُك، وَهُمْ يَتَناوبون النَّوبة فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي الماءِ وَغَيْرِهِ.​


ونابَ الشيءُ عَنِ الشيءِ، يَنُوبُ: قَامَ مَقامه؛ وأَنَبْتُه أَنا عَنْهُ. وناوَبه: عاقَبه.
ونابَ فلانٌ إِلى اللَّهِ تَعَالَى، وأَنابَ إِليه إِنابةً، فَهُوَ مُنِيبٌ: أَقْبَلَ وتابَ، ورجَع إِلى الطَّاعَةِ؛ وَقِيلَ: نابَ لَزِمَ الطَّاعَةَ.

قلت : الانابة في الدين متضمنة لكل تلك الأمور: الاقبال والاتيان والقصد، والنزول واللزوم عند الله .

تحقيق الإنابة :


قيل : النَّفْسُ لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
الْأَمْرُ بِالذَّنْبِ ،
ثُمَّ اللَّوْمُ عَلَيْهِ وَالنَّدَمُ مِنْهُ،
ثُمَّ الطُّمَأْنِينَةُ إِلَى رَبِّهَا وَالْإِقْبَالُ بِكُلِّيَّتِهَا عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الْحَالُ أَعْلَى أَحْوَالِهَا، وَأَرْفَعُهَا وَهِيَ الَّتِي يُشَمِّرُ إِلَيْهَا الْمُجَاهِدُ، وَمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ ثَوَابِ مُجَاهَدَتِهِ وَصَبْرِهِ فَهُوَ لِتَشْمِيرِهِ إِلَى دَرَجَةِ الطُّمَأْنِينَةِ إِلَى اللَّهِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَاكِبِ الْقِفَارِ، وَالْمَهَامِهِ وَالْأَهْوَالِ لِيَصِلَ إِلَى الْبَيْتِ فَيَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ بِرُؤْيَتِهِ وَالطَّوَافِ بِهِ.

وَالْإِنَابَةُ إِنَابَتَانِ:
إِنَابَةٌ لِرُبُوبِيَّتِهِ: وَهِيَ إِنَابَةُ الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا، يَشْتَرِكُ فِيهَا الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ، وَالْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} [الروم: 33] فَهَذَا عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ دَاعٍ أَصَابَهُ ضُرٌّ، كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ، وَهَذِهِ الْإِنَابَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِسْلَامَ، بَلْ تُجَامِعُ الشِّرْكَ وَالْكُفْرَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ {ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ} [الروم: 33] فَهَذَا حَالُهُمْ بَعْدَ إِنَابَتِهِمْ.

وَالْإِنَابَةُ الثَّانِيَةُ :إِنَابَةُ أَوْلِيَائِهِ، وَهِيَ إِنَابَةٌ لِإِلَهِيَّتِهِ، إِنَابَةَ عُبُودِيَّةٍ وَمَحَبَّةٍ.
وَهِيَ تَتَضَمَّنُ أَرْبَعَةَ أُمُورٍ: مَحَبَّتَهُ، وَالْخُضُوعَ لَهُ، وَالْإِقْبَالَ عَلَيْهِ، وَالْإِعْرَاضَ عَمَّا سِوَاهُ،
فَلَا يَسْتَحِقُّ اسْمُ الْمُنِيبِ إِلَّا مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأَرْبَعُ،
وَتَفْسِيرُ السَّلَفِ لِهَذِهِ اللَّفْظَةِ يَدُورُ عَلَى ذَلِكَ.
وَفِي اللَّفْظَةِ مَعْنَى الْإِسْرَاعِ وَالرُّجُوعِ وَالتَّقَدُّمِ، وَالْمُنِيبُ إِلَى اللَّهِ الْمُسْرِعُ إِلَى مَرْضَاتِهِ، الرَّاجِعُ إِلَيْهِ كُلَّ وَقْتٍ، الْمُتَقَدِّمُ إِلَى مُحَابِّهِ.

قَالَ صَاحِبُ الْمَنَازِلِ:
" الْإِنَابَةُ فِي اللُّغَةِ: الرُّجُوعُ، وَهِيَ هَاهُنَا الرُّجُوعُ إِلَى الْحَقِّ.
وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: الرُّجُوعُ إِلَى الْحَقِّ إِصْلَاحًا، كَمَا رَجَعَ إِلَيْهِ اعْتِذَارًا،
وَالرُّجُوعُ إِلَيْهِ وَفَاءً، كَمَا رَجَعَ إِلَيْهِ عَهْدًا،
وَالرُّجُوعُ إِلَيْهِ حَالًا، كَمَا رَجَعْتَ إِلَيْهِ إِجَابَةً " .
لَمَّا كَانَ التَّائِبُ قَدْ رَجَعَ إِلَى اللَّهِ بِالِاعْتِذَارِ وَالْإِقْلَاعِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، كَانَ مِنْ تَتِمَّةِ ذَلِكَ رُجُوعُهُ إِلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ، وَالنُّصْحِ فِي طَاعَتِهِ، كَمَا قَالَ {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} [الفرقان: 70]
وَقَالَ {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا} [البقرة: 160] فَلَا تَنْفَعُ تَوْبَةٌ وَبَطَالَةٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَوْبَةٍ وَعَمَلٍ صَالِحٍ، تَرْكٍ لِمَا يَكْرَهُ، وَفِعْلٍ لِمَا يُحِبُّ، تَخَلٍّ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَتَحَلٍّ بِطَاعَتِهِ.
وَكَذَلِكَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ بِالْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ، كَمَا رَجَعْتَ إِلَيْهِ عِنْدَ أَخْذِ الْعَهْدِ عَلَيْكَ، فَرَجَعْتَ إِلَيْهِ بِالدُّخُولِ تَحْتَ عَهْدِهِ أَوَّلًا، فَعَلَيْكَ بِالرُّجُوعِ بِالْوَفَاءِ بِمَا عَاهَدْتَهُ عَلَيْهِ ثَانِيًا،
وَالدِّينُ كُلُّهُ عَهْدٌ وَوَفَاءٌ، فَإِنَّ اللَّهَ أَخَذَ عَهْدَهُ عَلَى جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ بِطَاعَتِهِ، فَأَخَذَ عَهْدَهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ عَلَى لِسَانِ مَلَائِكَتِهِ، أَوْ مِنْهُ إِلَى الرَّسُولِ بِلَا وَاسِطَةٍ كَمَا كَلَّمَ مُوسَى، وَأَخَذَ عَهْدَهُ عَلَى الْأُمَمِ بِوَاسِطَةِ الرُّسُلِ، وَأَخَذَ عَهْدَهُ عَلَى الْجُهَّالِ بِوَاسِطَةِ الْعُلَمَاءِ، فَأَخَذَ عَهْدَهُ عَلَى هَؤُلَاءِ بِالتَّعْلِيمِ، وَعَلَى هَؤُلَاءِ بِالتَّعَلُّمِ، وَمَدَحَ الْمُوفِينَ بِعَهْدِهِ، وَأَخْبَرَ بِمَا لَهُمْ عِنْدَهُ مِنَ الْأَجْرِ، فَقَالَ {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 10] وَقَالَ {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34] وَقَالَ {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: 91] وَقَالَ {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [البقرة: 177] .

وَهَذَا يَتَنَاوَلُ عُهُودَهُمْ مَعَ اللَّهِ بِالْوَفَاءِ لَهُ بِالْإِخْلَاصِ وَالْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ، وَعُهُودَهُمْ مَعَ الْخَلْقِ.
وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْغَدْرَ بَعْدَ الْعَهْدِ» .
فَمَا أَنَابَ إِلَى اللَّهِ مَنْ خَانَ عَهْدَهُ وَغَدَرَ بِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُنِبْ إِلَيْهِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ عَهْدِهِ، فَالْإِنَابَةُ لَا تَتَحَقَّقُ إِلَّا بِالْتِزَامِ الْعَهْدِ وَالْوَفَاءِ بِهِ. ".

وَقَوْلُهُ: "وَالرُّجُوعُ إِلَيْهِ حَالًا، كَمَا رَجَعْتَ إِلَيْهِ إِجَابَةً"،

أَيْ هُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ دَعَاكَ فَأَجَبْتَهُ بِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ قَوْلًا، فَلَا بُدَّ مِنَ الْإِجَابَةِ حَالًا تُصَدِّقُ بِهِ الْمَقَالَ، فَإِنَّ الْأَحْوَالَ تُصَدِّقُ الْأَقْوَالَ أَوْ تُكَذِّبُهَا، وَكُلُّ قَوْلٍ فَلِصِدْقِهِ وَكَذِبِهِ شَاهِدٌ مِنْ حَالِ قَائِلِهِ، فَكَمَا رَجَعْتَ إِلَى اللَّهِ إِجَابَةً بِالْمَقَالِ، فَارْجِعْ إِلَيْهِ إِجَابَةً بِالْحَالِ،
قَالَ الْحَسَنُ: ابْنَ آدَمَ؟ لَكَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَعَمَلُكَ أَوْلَى بِكَ مِنْ قَوْلِكَ، وَلَكَ سَرِيرَةٌ وَعَلَانِيَةٌ، وَسَرِيرَتُكَ أَمْلَكُ بِكَ مِنْ عَلَانِيَتِكَ.
... ( يتبع )

 
التعديل الأخير:

Admin

Administrator
طاقم الإدارة
المحلاوي
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
615
مستوى التفاعل
106

استقامة الرجوع والانابة :


قَالَ: "وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ إِصْلَاحًا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: بِالْخُرُوجِ مِنَ التَّبِعَاتِ، وَالتَّوَجُّعِ لِلْعَثَرَاتِ، وَاسْتِدْرَاكِ الْفَائِتَاتِ".

وَالْخُرُوجُ مِنَ التَّبِعَاتِ هُوَ بِالتَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَأَدَاءِ الْحُقُوقِ الَّتِي عَلَيْهِ لِلْخَلْقِ. وَالتَّوَجُّعُ لِلْعَثَرَاتِ يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ:

أَحَدَهُمَا: أَنْ يَتَوَجَّعَ لِعَثْرَتِهِ إِذَا عَثَرَ، فَيَتَوَجَّعُ قَلْبُهُ وَيَنْصَدِعُ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى إِنَابَتِهِ إِلَى اللَّهِ، بِخِلَافِ مَنْ لَا يَتَأَلَّمُ قَلْبُهُ، وَلَا يَنْصَدِعُ مِنْ عَثْرَتِهِ، فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ قَلْبِهِ وَمَوْتِهِ.

الثَّانِي: أَنْ يَتَوَجَّعَ لِعَثْرَةِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ إِذَا عَثَرَ، حَتَّى كَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَثَرَ بِهَا وَلَا يَشْمَتُ بِهِ، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى رِقَّةِ قَلْبِهِ وَإِنَابَتِهِ.

وَاسْتِدْرَاكُ الْفَائِتَاتِ هُوَ اسْتِدْرَاكُ مَا فَاتَهُ مِنْ طَاعَةٍ وَقُرْبَةٍ بِأَمْثَالِهَا، أَوْ خَيْرٍ مِنْهَا وَلَاسِيَّمَا فِي بَقِيَّةِ عُمُرِهِ، عِنْدَ قُرْبِ رَحِيلِهِ إِلَى اللَّهِ، فَبَقِيَّةُ عُمُرِ الْمُؤْمِنِ لَا قِيمَةَ لَهَا. يَسْتَدْرِكُ بِهَا مَا فَاتَ، وَيُحْيِي بِهَا مَا أَمَاتَ.

الله يهدي إليه من ينيب


(ٱللَّهُ يَجۡتَبِيٓ إِلَيۡهِ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِيٓ إِلَيۡهِ مَن ‌يُنِيبُ) الشورى
من أقبل على الله وانقطع عن ما دونه ، هداه الله اليه وجعل له نورا يمشي به في الدنيا والآخرة .
وقال ابن كثير : " أي هو –الله- الذي يقدر الهداية لمن يستحقها، ويكتب الضلالة على من آثرها على طريق الرشد".
ثم قال تعالى (وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن ‌يُنِيبُ) غافر ،
قال الرازي المفسر : "والمعنى أن الوقوف على دلائل توحيد الله تعالى كالأمر المركوز في العقل، إلا أن القول بالشرك والاشتغال بعبادة غير الله يصير كالمانع من تجلي تلك الأنوار، فإذا أعرض العبد عنها وأناب إلى الله تعالى، زال الغطاء والوطاء فظهر الفوز التام".
 

Admin

Administrator
طاقم الإدارة
المحلاوي
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
615
مستوى التفاعل
106

والانابة ليست اقبالا بالجسد وقرب مسافات ومكان من الهدف ،
بل هي الاقبال الى تسبيح الله وشرعه وصراطه وولايته .

 

yasma

Moderator
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
2,113
مستوى التفاعل
105
الله يهدي إليه من ينيب
كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الانابة

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ومَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، والنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. أو لَا إِلَهَ غَيْرُكَ

_______
رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي، وَيَسِّرِ الْهُدَى إِلَيَّ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ رَهَّابًا، لَكَ مِطْوَاعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا أَوَّاهًا مُنِيبًا ، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبيِ
 

yasma

Moderator
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
2,113
مستوى التفاعل
105
اللهم اهدنا سبل السلام
 
أعلى أسفل
}