لله أَرْحَمُ بِعِبادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا

yasma

Moderator
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
1,061
مستوى التفاعل
36
عن عمرَ بنِ الخطاب قَالَ:
قَدِمَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ بِسَبْيٍ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْي تَسْعَى، إِذْ وَجَدَتْ صَبِيًّا في السَّبْي أَخَذَتْهُ فَأَلْزَقَتْهُ بِبَطْنِها، فَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: أَتُرَوْنَ هَذِهِ المَرْأَةَ طارِحَةً وَلَدَهَا في النَّارِ؟
قُلْنَا: لا وَاللَّهِ، فَقَالَ: للَّهُ أَرْحَمُ بِعِبادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا


صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 5999 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث :
اللهُ عَزَّ وجَلَّ واسِعُ الرَّحمةِ، جَزيلُ العَطاءِ لِمَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا، فمهْما بَلَغتْ ذُنوبُ العَبدِ وكَثُرتْ خَطاياهُ، ثمَّ تابَ وأنابَ إلى اللهِ؛ تابَ اللهُ عليه، وقَبِلَه وأجْزَلَ له المَثوبةَ.
وفي هذا الحَديثِ تقريبٌ من رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِسَعةِ رَحمةِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، فيُخبِرُ عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه قَدِمَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَبْيٌ، أي: عبيدٌ، وهم أسرى الحَربِ، قيلَ: هم أسْرَى هَوازِنَ، فإذا امرأةٌ مِن السَّبيِ فقَدَتْ صَبيَّها وتَضرَّرت باجتماعِ اللَّبنِ في ثَدْيِها، «قدْ تَحلُبُ ثَدْيَها»، وفي نسخةٍ مِن الصَّحيحِ: «تَحلَّبَ ثَدْيُها»، أي: سال اللَّبَنُ مِن ثَدْيِها، تَسْقي به الصِّبيانَ، وفي أثناءِ سَعْيِها وجَدَتِ ابنَها بِعَينِه، فأخذَتْه فألْصقَتْه ببَطنِها وأَرضعَتْه. فوظَّف رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذا المشهَدَ ليُبَيِّنَ للحاضِرينَ سَعةَ رحمةِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، وذلك بأن سألهم: أتَظُنُّون أنَّ هذه المرأةَ راميةٌ ولَدَها هذا في النَّارِ مُختارةً وهي تَقدِرُ على ألَّا تَرمِيَه فيها؟ فأجاب الحاضِرون: لا تَطرَحُه في النَّارِ طائعةً أبدًا، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لَلَّهُ أرحَمُ بعبادِه -أي: المؤمِنين- مِن هذه المرأةِ بوَلَدِها.
وفي الحَديثِ: ضَرْبُ المثَلِ بما يُدرَكُ بالحواسِّ لِمَا لا يُدرَكُ بها؛ لتَحصيلِ مَعرفةِ الشَّيءِ على وجْهِه، وإن كان الذي ضُرِبَ له المثَلُ لا يحاطُ بحقيقتِه.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف: