yasma
Moderator
- إنضم
- نوفمبر 16, 2021
- المشاركات
- 1,404
- مستوى التفاعل
- 81
mahlawy قال:وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)
قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَإِذْ قُلْنا ) أَيْ وَاذْكُرْ.
-في معنى السجود لآدم : قال ابن كثير :
كان سجود الملائكة لآدم ، سجود تحية وسلام وإكرام ،
كما قال تعالى: { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا } [ يوسف : 100]
وقد كان هذا مشروعا في الأمم الماضية ولكنه نسخ في ملتنا،
وفي الحديث : قال معاذ : قدمت الشام فرأيتهم يسجدون لأساقفتهم وعلمائهم ، فأنت يا رسول الله أحق أن يسجد لك،
فقال: " لا ، لو كنت آمرا بشرا أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها " .
الحديث رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه ، وصححه الألباني .
وفي بعض طرقه : " وَنَهَى عن السجود للبشر وأمر بالمصافحة."
ورجّحه الرازي،
وقال بعضهم: بل كانت السجدة لله وآدم قبلة فيها كما قال: { أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } [الإسراء: 78 ]
وفي هذا التنظير نظر،
والأظهر أن القول الأول أولى، والسجدة لآدم إكرامًا وإعظامًا واحترامًا وسلامًا، وهي طاعة لله، عز وجل؛ لأنها امتثال لأمره تعالى،
وقد قوّاه الرازي في تفسيره وضعّف ما عداه من القولين الآخرين وهما كونه جعل قبلة إذ لا يظهر فيه شرف،
والآخر: أن المراد بالسجود الخضوع لا الانحناء ووضع الجبهة على الأرض وهو ضعيف كما قال.
(قلت : القول الأول هو الذي ارتضيناه من التفاسير.وهو سجود تكريم قال الله تعالى:
( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا *
قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ) سورة الاسراء
- وقال القرطبي : وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ ذَلِكَ السُّجُودُ خَاصًّا بِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ لِغَيْرِهِ مِنْ جَمِيعِ الْعَالَمِ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى، أَمْ كَانَ جَائِزًا بَعْدَهُ إِلَى زَمَانِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" َرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً " [يوسف: 100]
فَكَانَ آخِرَ مَا أُبِيحَ مِنَ السُّجُودِ لِلْمَخْلُوقِينَ؟
وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا إِلَى عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ أَصْحَابَهُ قَالُوا لَهُ حِينَ سَجَدَتْ لَهُ الشَّجَرَةُ وَالْجَمَلُ: نَحْنُ أَوْلَى بِالسُّجُودِ لَكَ مِنَ الشَّجَرَةِ وَالْجَمَلِ الشَّارِدِ.
و قال القرطبي: وَهَذَا السُّجُودُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ قَدِ اتَّخَذَهُ جُهَّالُ الْمُتَصَوِّفَةِ عَادَةً فِي سَمَاعِهِمْ وَعِنْدَ دُخُولِهِمْ عَلَى مَشَايِخِهِمْ وَاسْتِغْفَارِهِمْ،
فَيُرَى الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إِذَا أَخَذَهُ الْحَالُ بِزَعْمِهِ يَسْجُدُ لِلْأَقْدَامِ لِجَهْلِهِ
سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْقِبْلَةِ أَمْ غَيْرِهَا جَهَالَةً مِنْهُ، ضَلَّ سَعْيُهُمْ وَخَابَ عَمَلُهُمْ.
-سؤال : كيف دخل ابليس في الخطاب في قوله تعالى ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ ) ؟
ج: دخل إبليس في خطابهم؛ لأنه -وإن لم يكن من عُنْصرهم -إلا أنه كان قد تشَبَّه بهم وتوسم بأفعالهم؛
فلهذا دخل في الخطاب لهم، وذم في مخالفة الأمر.
وظن البعض أن ابليس كان من الملائكة وهذا غير صحيح قال تعالى
{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } [ الكهف: 50 ].
قال ابن عباس : كان إبليس من خُزّان الجنة وكان يدير أمر السماء الدنيا - ذكره ابن الجوزي .
-تفسير قوله تعالى عن ابليس ( وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ )
قال الله تعالى على لسان ابليس :
" لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ" [الحجر: 33]
فَكَفَّرَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ. فَكُلُّ مَنْ سَفَّهَ شَيْئًا مِنْ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ أَمْرِ رَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَهُ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ .
- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَكانَ ) قِيلَ: " كَانَ " هُنَا بِمَعْنَى صَارَ .
وَقَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ." كَانَ" هُنَا بِمَعْنَى "صَارَ" خَطَأٌ ، تَرُدُّهُ الْأُصُولُ.
وَقَالَ جُمْهُورُ الْمُتَأَوِّلِينَ: الْمَعْنَى أَيْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ سَيَكْفُرُ،
لِأَنَّ الْكَافِرَ حَقِيقَةً وَالْمُؤْمِنَ حَقِيقَةً هُوَ الَّذِي قَدْ عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ الْمُوَافَاةَ .
قال القرطبي : وَهَذَا صَحِيحٌ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: (وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ ).