قصة زيد بن حارثة

yasma

Moderator
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
2,026
مستوى التفاعل
104
الاميران الكبيران زيد بن حارثة وأسامة بن زيد

زيد بن حارثةبن شراحيل الكلبي أَوْ شُرَحْبِيْلَ - بنِ كَعْبِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ يَزِيْدَ بنِ امْرِئِ القَيْسِ بنِ عَامِرِ بنِ النُّعْمَانِ.

الأَمِيْرُ، الشَّهِيْدُ، النَّبَوِيُّ، المُسَمَّى فِي سُوْرَةِ الأَحْزَابِ، أَبُو أُسَامَةَ الكَلْبِيُّ، ثُمَّ المُحَمَّدِيُّ، سَيِّدُ المَوَالِي، وَأَسْبَقُهُم إِلَى الإِسْلاَمِ، وَحِبُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو حِبِّهِ، وَمَا أَحَبَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ طَيِّباً.
وَلَمْ يُسَمِّ اللهُ -تَعَالَى- فِي كِتَابِهِ صَحَابِيّاً بِاسْمِهِ إِلاَّ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ
هو أول من آمن به من الموالي؛ فإنه من كبار السابقين الأولين وكان من الرماة المذكورين.
وكان المسلمون يدعونه زيد ابن النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] ،
وقال -تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب: 4]
كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين زيد بن حارثة عشر سنين؛ رسول الله أكبر منه،
، وعاش خمسا وخمسين سنة.
وكان قصيرًا شديد الأدمة أفطس.وجاءت من وجه آخر أنه كان أبيض وكان ابنه أسود. ولذلك أعجب النبي صلى الله عليه وسلم بقول مجزز المدلجي القائف: "إن هذه الأقدام بعضها من بعض".
منزلة زيد عند النبي صلى الله عليه وسلم
روى التّرمذيّ وغيره من حديث عائشة، قالت:
(قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم في بيتي، فأتاه فقرع الباب، فقام إليه حتى اعتنقه وقبّله).

حكاية سَبْيُ زيْد
قال أبو إسحاق السبيعي: إن زيد بن حارثة أغارت عليه خيل من تهامة، فوقع إلى خديجة فاشترته، ثم وهبته للنبي صلى الله عليه وسلم. ويروى أنها اشترته بسبع مائه درهم.
وفي الاصابة :قال ابن سعد: أمه سعدى بنت ثعلبة بن عامر، من بني معن من طيِّئ
قالوا: زارت سعدى أم زيد بن حارثة قومها وزيد معها، فأغارت خيل لبني القين بن جسر في الجاهليّة على أبيات بني معن، فاحتملوا زيدا وهو غلام يفعة، فأتوا به في سوق عكاظ فعرضوه للبيع، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بأربعمائة درهم،
فلما تزوجها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وهبته له،
وكان أبوه حارثة بن شراحيل حين فقده قال:
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل ... أحيّ فيرجى أم أتى دونه الأجل
قال: فحجّ ناس من كلب، فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه، فقال: أبلغوا أهلي هذه الأبيات:
أحنّ إلى قومي وإن كنت نائيا ... بأنّي قطين البيت عند المشاعر
فانطلقوا فأعلموا أباه، ووصفوا له موضعا،
فخرج حارثة وكعب أخوه بفدائه، فقدما مكة، فسألا عن النّبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، فقيل: هو في المسجد، فدخلا عليه، فقالا: يا بن عبد المطّلب، يا بن سيد قومه، أنتم أهل حرم اللَّه تفكّون العاني وتطعمون الأسير، جئناك في ولدنا عبدك، فامنن علينا، وأحسن في فدائه، فإنا سنرفع لك.
قال وما ذاك؟ قالوا: زيد بن حارثة. فقال: أو غير ذلك؟ أدعوه فخيّروه، فإن اختاركم فهو لكم بغير فداء. وإن اختارني فو اللَّه ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء قالوا: زدتنا على النّصف، فدعاه فقال: هل تعرف هؤلاء؟
قال: نعم، هذا أبي وهذا عمّي،
قال: فأنا من قد علمت، وقد رأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما.
فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني بمكان الأب والعمّ.
فقالا: ويحك يا زيد، أتختار العبوديّة على الحرية، وعلى أبيك وعمّك وأهل بيتك؟
قال: نعم، إني قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا.
فلما رأى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ذلك أخرجه إلى الحجر، فقال: «اشهدوا أنّ زيدا ابني، يرثني وأرثه» ،

فلما رأى ذلك أبوه وعمّه طابت أنفسهما، وانصرفا، فدعي زيد بن محمد حتى جاء اللَّه بالإسلام .

اسلام زيد :

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ : عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ :
قَالَ: كَانَ صَنَمٌ من نحاس يقال له: أساف، ونائلة يَتَمَسَّحُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ إِذَا طَافُوا.
فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَفْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا مَرَرْتُ مَسَحْتُ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تَمَسَّهُ ".
قَالَ زَيْدٌ: فَطُفْنَا فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَأَمَسَّنَّهُ حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَكُونُ، فَمَسَحْتُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَمْ تُنْهَ "
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: زَادَ غَيْرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بِإِسْنَادِهِ :قَالَ زَيْدٌ: فَوَالَّذِي أَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ مَا اسْتَلَمَ صَنَمًا قَطُّ حَتَّى أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالَّذِي أَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ.
قال ابن كثير: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ مَنْ أوَّل مَنْ أَسْلَمَ مِنَ النِّسَاءِ؟
قَالَ خَدِيجَةُ،
قُلْتُ فَمِنَ الرِّجَالِ؟. قَالَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ.

وَكَذَا قَالَ عُرْوَةُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أوَّل مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ.


امارة زيد وغزواته :
وعن سلمة بن الأكوع، قال: غزوت مع النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم سبع غزوات، ومع زيد بن حارثة سبع غزوات، يؤمّره علينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم. أخرجه البخاريّ.

وعن ابن عمر يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمّر أسامة على قوم، فطعن الناس في إمارته. فقال: "إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه، وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن ابنه هذا لأحب الناس إلي بعده".

وعن عائشة أنها كانت تقول: "لو أن زيدا كان حيّاً لاستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وعنها رضي الله عليها: "ما بعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم زيد بن حارثة في سرية إلا أمره عليهم، ولو بقي لاستخلفه".

أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة بإسناد قويّ عنها.

زواج زيد من أم أيمن :
الحبشية بَرَكَةُ مَوْلاَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَاضِنَتُهُ ،
قال أبو عمر: اسمها بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النّعمان، وكان يقال لها أم الظّباء.
وَرِثَهَا مِنْ أَبِيْهِ- وقيل كان ورثها عن أمّه- ثُمَّ أَعْتَقَهَا عِنْدَمَا تَزَوَّجَ بِخَدِيْجَةَ.وَكَانَتْ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ.
وَقَدْ تَزَوَّجَهَا عُبَيْدُ بنُ الحَارِثِ الخَزْرَجِيُّ، فَوَلَدَتْ لَهُ أَيْمَنَ، وَلأَيْمَنَ هِجْرَةٌ وَجِهَادٌ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ.
ثُمَّ تَزَوَّجَهَا زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ لَيَالِيَ بُعِثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يقول: أمّ أيمن أمّي بعد أمّي .

وأخرج البخاريّ في تاريخه من طريق الزّهري، قال: كان من شأن أم أيمن أنها كانت وصيفة لعبد اللَّه بن عبد المطّلب والد النّبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم، وكانت من الحبشة،
فلما ولدت آمنة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم بعد ما توفي أبوه كانت أمّ أيمن تحضنه حتى كبر، ثم أنكحها زيد بن حارثة.

زواج زيد من زينب
هي زينب بنت جحش ابن رِئَابِ ابْنِ خُزَيْمَةَ الْأَسَدِيَّةِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَهِيَ بِنْتُ أُمَيْمَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: (وإذا تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لكيلا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حرج في زواج أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا منها وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مفعولا) [الاحزاب: 37] .
فَالْمُرَادُ بِالَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ هَاهُنَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعتق وزوجه بابنة عمه زينب بنت جحش.
طلاق زينب :

عن ابن عباس:
لما تبنّى النّبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم زيدا زوّجه زينب بنت جحش، وهي بنت عمته أميمة بنت عبد المطّلب، وزوّجه النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم قبل ذلك مولاته أم أيمن، فولدت له أسامة،
ثم لمّا طلّق زينب ، زوّجه أم كلثوم بنت عقبة، وأمها أروى بنت كريز، وأمها البيضاء بنت عبد المطّلب، فولدت له زيد بن زيد، ورقية،
ثم طلق أم كلثوم، وتزوّج درة بنت أبي لهب بن عبد المطلب،
ثم طلقها وتزوّج هند بنت العوام أخت الزبير.

غزوة مؤتة واستشهاد زيد :
قال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمرة القضاء في ذي الحجة، فأقام بالمدينة حتى بعث إلى مؤتة في جمادى من سنة ثمان، وأمّر على الناس زيد بن حارثة. وقال إن أصيب فجعفر، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة، فإن أصبت فليرتض المسلمون رجلا. فتهيؤوا للخروج، وودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم خرج القوم حتى نزلوا معان، فبلغهم أن هرقل قد نزل مآرب في مائة ألف من الروم، ومائة ألف من المستعربة، فأقاموا بمعان يومين، وقالوا: نبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبره.
فشجع الناس عبد الله بن رواحة، فقال: يا قوم، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم لها تطلبون، الشهادة. وما نقاتل الناس بعدد ولا كثرة، وإنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فإن يظهرنا الله به فربما فعل، وإن تكن الأخرى فهي الشهادة، وليست بشر المنزلتين. فقال الناس: والله لقد صدق فانشمر الناس، وهم ثلاثة آلاف، حتى لقوا جموع الروم بقرية من قرى البلقاء يقال له: مشارف، ثم انحاز المسلمون إلى مؤتة، قرية فوق أحساء. وكانوا ثلاثة آلاف.

وقال المغيرة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن نافع، عن ابن عمر، قال:
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة، فإن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة. قال ابن عمر: كنت معهم، ففتشناه -يعني ابن رواحة- فوجدنا فيما أقبل من جسده بضعا وسبعين، بين طعنة ورمية.

وعن أنس، قال:
نعى النبي صلى الله عليه وسلم جعفرا وزيد بن حارثة، وابن رواحة، نعاهم قبل أن يجيء خبرهم، وعيناه تذرفان.

أخرجه البخاري، وزاد فيه: فنعاهم،
وقال: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها ابن رواحة. ثم أخذ الراية بعدهم سيف من سيوف الله: خالد بن الوليد.
قال: فجعل يحدث الناس وعيناه تذرفان.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى أسفل
}