الفرق بين الاسلام والفكر الاسلامي

م/محسن

عضو مميز
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
159
مستوى التفاعل
20

الاسلام والفكر :

هل يوجد ثمة اختلاف بين الاسلام والفكر الاسلامي ؟ أو لا يوجد ؟
غالب الآراء أنها تفرق بين الاسلام والفكر الاسلامي .

التفسير والقول الأول :
هو قول الكثرة من المفكرين والدارسين والباحثين ،
أن الاسلام هو النظرية والنصوص الشرعية ،
أما الفكر الاسلامي هو الفهم العقلي للمسلمين للنظرية والنتاج التي أنتجتها تلك النصوص .
أي الاسلام هو الوحي والكتاب ،
والفكر الاسلامي هو أحكام بشرية في الفقه والفتاوى وغيرها .

يقول ناجح ابراهيم في مقالة بعنوان : الاسلام والفكر الاسلامي هل هما سواء ؟
"يخلط الكثيرون بين الاسلام والفكر الاسلامي ، ويظن معظم الاسلاميين ، وكذلك خصومهم من العلمانيين أنهما سواء ،
فيعطي بعض الاسلاميين صفة العصمة لفكرهم لأنه ببساطة "اسلامي" ، أي يمثل الاسلام ، والاسلام لا يخطئ أبدا .
" وأن الفكر هو إعمال العقل والقيام بالأعمال الذهنية لاستنباط الأحكام والخروج بالرؤى والتصورات الصحيحة والمناسبة للواقع.
فإذا كان الذهن البشري اسلاميا أنتج فكرا اسلاميا ، واذا كان علمانيا أو اشتراكيا او ليبيراليا أنتج فكرا علمانيا أو اشتراكيا أو ليبراليا على الترتيب .
واذا كان الفكر هو عمل الذهن البشري فالخطأ وارد في حقه مهما كان إخلاص صاحبه وتجرده ومهما كان علمه وعقله .
ولذلك لم يقل أحد من السلف أن قول الأصولي او المجتهد معصوم أو حجة على أحد.
رغم أن الأصولي والمجتهد أكثر علما بالشريعة من المفكر " انتهى اقتباس قول ناجح ابراهيم .

التفسير والقول الثاني :
أن معنى الاسلام كما هو في القول الأول: النصوص الشرعية .
أما الجزء الثاني فهو قائم على عبارة مصطلح ( فكر الاسلام) بدلا من الفكر الاسلامي الذي هو مرتبط بأشخاص المسلمين .
حيث أنّ فكر الاسلام هو الأصول والقواعد الثابتة القاطعة في نصوص الشرع ، وهو روح الاسلام .
مثل أصول العقيدة وأصول الفقه والسياسة الشرعية وأصول الجهاد والقتال وأصول الأخلاق والمعاملات .

التفسير والقول الثالث :
أن الفكر الاسلامي هو الفلسفة الاسلامية أو النهج الاسلامي والطريقة الاسلامية في العبادات والمعاملات والأخلاق والقتال وغيرها .
فلكل فكر فلسفة ومنهج وأصل يؤسس عليه ، مثل الفكر الشيوعي والفكر الرأسمالي والفكر العلماني .

وللاسلام فلسفة عامة مثل قيم عدم الظلم والمساواة والسلام والحرية ، وأضف اليها : عبادة الخالق ، فهي أعلى قيم العدل وعدم الظلم .
فلا ظلم للخالق ولا ظلم للمخلوقات كالانسان والحيوان .

والاسلام له فلسفات خاصة: في الاقتصاد والمال ، وفلسفة في الاجتماع والتعايش ، وفلسفة في المساواة ، وفلسفة في المعاملات ،
وفلسفة في الزواج ، وفلسفة في التربية .
وفلسفة الاسلام قائمة على الحقائق والتي أُوحيت واُلهمت وعُلمت من خالق الانسان ،
لكن الفلسفات الأخرى قائمة على الظنون والتجارب الانسانية .
الاسلام شيء مركب وليس وحدة فردية :
ألفت نظر الدارسين والباحثين في هذه المسألة والقضية ، إلى أن الاسلام مركب من عدة عناصر:
1.نصوص القرآن القاطعة الدلالة والتي يقلّ أو يندر فيها الاختلاف في فهمها وتفسيرها .
2. نصوص القرآن الظنية الدلالة والتي يكون فيها الاختلاف والتفسير بين العلماء والفقهاء .
3. السنّة النبوية المتواترة.
4. السنّة النبوية الغير متواترة .
5. اجماع علماء المسلمين .
6. الفكر الاسلامي ، كالمذاهب الأربعة مثلا الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي .
وكما ترى ان الاسلام هو مجموعة من العناصر ،
وأنه لا يمكنك اخراج عنصر : اجماع علماء المسلمين من الاسلام وأن تعتبره خارجه وليس منه .
لكن يمكنك اخراج الفكر الاسلامي " اجتهاد الفقهاء" وهو العنصر السادس من الاسلام المركب ،
وقد يجعله البعض جزءا من الاسلام حسب وجهة نظره ورأيه .
7- شرع من قبلنا :
بل واضيف أيضا : عنصر سابع مختلف فيه بين علماء المسلمين وهو : " شريعة من قبلنا "، هل تلزمنا ؟ وأنها من الاسلام ما لم يرد نص تخالفه او تناقضه ؟
قال تعالى " فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ " الأنعام . وقوله " يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ "النساء .

قال المفسر فخر الدين الرازي :لا شبهة في أن قوله: أولئك الذين هدى الله هم الذين تقدم ذكر هم من الأنبياء،
ولا شك في أن قوله: " فبهداهم اقتده " أمر لمحمد عليه الصلاة والسلام،
وإنما الكلام في تعيين الشيء الذي أمر الله محمدا أن يقتدي فيه بهم،
فمن الناس من قال: المراد أنه يقتدي بهم في الأمر الذي أجمعوا عليه، وهو القول بالتوحيد والتنزيه عن كل ما لا يليق به في الذات والصفات والأفعال وسائر العقليات،
وقال آخرون: المراد الاقتداء بهم في جميع الأخلاق الحميدة والصفات الرفيعة الكاملة من الصبر على أذى السفهاء والعفو عنهم،
وقال آخرون: المراد الاقتداء بهم في شرائعهم إلا ما خصه الدليل، وبهذا التقدير كانت هذه الآية دليلا على أن شرع من قبلنا يلزمنا،
وقال آخرون: إنه تعالى إنما ذكر الأنبياء في الآية المتقدمة ليبين أنهم كانوا محترزين عن الشرك مجاهدين بإبطاله، بدليل أنه ختم الآية بقوله: ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون [الأنعام: 88] ثم أكد إصرار هم على التوحيد وإنكارهم للشرك بقوله: فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين.

الحديث النبوي بني الاسلام على خمس :
وعن عمر بن عبد العزيز : إن للإيمان فرائض، وشرائع، وحدودا، وسننا .
يفهم من الحديث النبوي أن الاسلام بنيان مركب من أصول وقواعد وفروع .

الخلاصة في الفرق بين الاسلام والفكر الاسلامي :
1- فكر الاسلام غير الفكر الاسلامي .
2- الفكر الاسلامي ليس هو بعينه الاسلام ، لكن الفكر الاسلامي هو جزء من الاسلام .
ودليله :

قال تعالى " وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا" النساء
قال الحافظ ابن كثير : وقوله: "ويتبع غير سبيل المؤمنين " هذا ملازم للصفة الأولى، ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع،
وقد تكون لما اجتمعت عليه الأمة المحمدية فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقا، فإنه قد ضمنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ تشريفا لهم وتعظيما لنبيهم،
وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة في ذلك، قد ذكرنا منها طرفا صالحا في كتاب أحاديث الأصول، ومن العلماء من ادعى تواتر معناها،
والذي عوّل عليه الشافعي رحمه الله في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تحرم مخالفته هذه الآية الكريمة بعد التروي والفكر الطويل،
وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها، وإن كان بعضهم قد استشكل ذلك فاستبعد الدلالة منها على ذلك

فائدة في الخلاف :
يجوز لك أن لا تتبع فكرا اسلاميا خاصا ، وتتبع فكر آخر غيره ، ويجوز لك أن ترد عليه وتنتقده بفكر آخر،
لكن لا يجوز لك أن ترد على الفكر الاسلامي بهوى أو بدعة أو برأي ليس مستند على نص أو قاعدة وأصل شرعي ،
محتجاً بأن هذا الفكر غير معصوم .