تلخيص صحيح مسلم

م/محسن

عضو برونزي
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
162
مستوى التفاعل
20

كتاب تلخيص صحيح مسلم​

هذا الكتاب من أبرز مختصرات (صحيح مسلم) حيث قام أبو العباس القرطبي فيه :
- باختصار الأسانيد والاكتفاء بذكر الصحابي وأحياناً التابعي.
- وأوجز مقدمة الإمام مسلم لصحيحه .
- ثم حذف المكرّر من الأحاديث وذكرها في موضع واحد حسب موضوعها.
- وترجمة الأبواب بعناوين مناسبة .
- واختيار متن الحديث وفق أتمّ الروايات وأكملها, ثم إيراد بعض الروايات إن كان فيها زيادة .
كتاب تلخيص مسلم

مقدمة تلخيص صحيح الإمام مسلم للمؤلف


قال الشَّيخُ الفقيه الإمامُ العالمُ المُحدِّث، أبو العبَّاس (أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي (٥٧٨ - ٦٥٦ هـ) ابنُ الشَّيخِ الفَقيهِ أبي حَفصٍ عُمَرَ، الأنصاريُّ القُرطُبيُّ- رحمه الله :
الحمدُ لله بمَجامِع مَحامِده التي لا يُبلَغُ مُنتَهاها ،والشُّكرُ له على آلائِهِ، وإن لم يَكُن أحدٌ أحصاها.
وأشهدُ أن لا إله إلَاّ الله وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهادَةَ مُحَقِّقٍ أصُولِهَا مُحيطٍ بِمَعنَاهَا، وَأَشهَدُ أنَّ محمَّدًا رَسُولٌ، حَلَّ مِن رُبَا النبوَّةِ أَعلَاهَا فَعَلَاهَا، وَحَمَلَ مِن أَعبَاءِ الرِّسَالَة إِدَّهَا، فَاضطلَعَ بِهَا وَأَدَّاهَا، فجلا اللهُ بِهِ عن البصائرِ رَينَهَا، وعن الأبصارِ عَشَاهَا،
صَلَّى اللهُ عليه من الصلواتِ أفضَلَهَا وأزكَاهَا، وأبلَغَهُ عنَّا من التحياتِ أكمَلَهَا وأَولَاهَا، ورَضِيَ اللهُ عن عِترَتِهِ وأزواجِهِ وصحابتِهِ ما سَفَرَت شمسٌ عن ضُحَاهَا، وبعدُ :
فلمَّا قَضَت نتائِجُ العُقول، وأدلَّةُ الشَّرعِ المَنقُول ، أن سَعادَةَ الدَّارَينِ مَنُوطَةٌ بمُتابَعَةِ هذا الرَّسول، وأنَّ المحبةَ الحَقيقِيَّةَ باقتِفاءِ سَبيلِهِ وَاجِبَةُ الحُصُول {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: 31] انتَهَضَت هِمَمُ أعلامِ العُلَماء، والسَّادَةُ الفُضلاء، إلى البَحثِ عَن آثارِه: أقوالِهِ وأفعالِهِ وإِقرارِه، فحَصَّلُوا ذَلِك ضَبطًا وحِفظًا، وبلَّغُوهُ إلى غَيرِهِم مُشافَهَةً ونَقلاً.
ومَيَّزوا صَحيحَهُ مِن سَقيمِه ومُعوَجَّهُ مِن مُستَقيمِه، إلى أن انتَهى ذلك إلى إمَامَي عُلَماءِ الصَّحيح، المُبَرِّزَينِ في عِلمِ التَّعديلِ والتَّجريح: أبي عبد الله محمَّد بن إسماعيل الجُعفيِّ البُخاريّ وأبي الحُسَين مُسلِم بن الحجَّاج القُشَيريِّ النَّيسابُوريّ،
فجَمَعَا كِتابَيهِما عَلَى شَرطِ الصِّحَّة وبَذَلا جُهدَهُما في تَبرِئَتِهِما مِن كُلِّ عِلَّة، فتمَّ لهُما المُرادُ، وانعَقَدَ الإجماعُ على تَلقِيبِهِما باسمِ الصَّحيحَين أَو كاد، فجَازاهُما الله عَنِ الإسلامِ أَفضَلَ الجَزاء، وَوَفَّاهُما مِن أَجرِ مَنِ انتَفَعَ بِكِتابَيهِما أَفضَلَ الإجزَاء،
غَيرَ أنه قد ظَهَرَ لكثيرٍ من أئمَّة النقلِ، وَجَهَابِذَةِ النَّقد: أنَّ لمسلمٍ ولكتابهِ من المَزِيَّة؛ ما يُوجِبُ لهما أَولَوِيَّة؛ فَقَد حَكَى القَاضِي أَبُو الفَضل عِيَاضٌ الإِجماعَ عَلَى إمامتِهِ وتقديمِهِ، وصِحَّةِ حديثِهِ، وتمَيزِهِ، وثقتِهِ، وقَبُولِ كِتَابِهِ. وكان أَبُو زُرعَةَ وأبُو حَاتِمٍ يُقَدِّمانِهِ في الحديثِ على مشايِخِ عَصرِهِمَا.

وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحسَنُ بنُ عَلِيٍّ النَّيسَابُورِيُّ: مَا تَحتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ أَصَحُّ مِن كِتَابِ مُسلِمٍ.
وقَالَ أَبُو مَروانَ الطّيبيُّ: كان من شُيوخِي من يفضِّل كتابَ مُسلِمٍ عَلَى كِتَابِ البُخَارِيِّ.
وَقَالَ مسلم بنُ قَاسِمٍ فِي تَارِيخِهِ: مُسلِمٌ جَلِيلُ القَدرِ، ثِقَةٌ، مِن أَئِمَّةِ المُحَدِّثِينَ، وَذَكَرَ كِتَابَهُ فِي الصَّحِيحِ، فقَالَ: لَم يَضَع أَحَدٌ مِثلَهُ،
وَقَالَ أَبُو حَامِدِ بنُ الشَّرقِيِّ: سَمِعتُ مُسلِمًا يَقُولُ: مَا وَضَعتُ شَيئًا فِي هَذَا المُسنَدِ إِلَاّ بِحُجَّةٍ، وَمَا أَسقَطتُ مِنهُ إِلَاّ بِحُجَّةٍ.
وَقَالَ ابنُ سُفيَانَ: قَالَ مُسلِمٌ: لَيسَ كُلُّ الصَحِيحٍ وَضَعتُ هُنَا، إِنَّمَا وَضَعتُ مَا أَجمَعُوا عَلَيهِ.
وقَالَ مُسلِمٌ: لَو أَنَّ أَهلَ الحَدِيثِ يَكتُبُونَ الحَدِيثَ مِائَتَي سَنَةٍ، فَمَدَارُهُم عَلَى هَذَا المُسنَدِ، وَلَقَد عَرَضتُ كِتَابِي هذَا عَلَى أَبِي زُرعَةَ الرَّازِيِّ؛ فَكُلَّ مَا أَشَارَ إِلَى أَنَّ لَهُ عِلَّةً تَرَكتُهُ، وَمَا قَالَ: هُوَ صَحِيحٌ لَيسَ لَهُ عِلَّةٌ أَخرَجَتهُ.

هَذَا مَعَ أَنَّ الكِتَابَ أَحسَنُ الأَحَادِيثِ مَسَاقًا، وَأَكمَلُ سِيَاقًا، وَأَقَلّ تَكرَارًا، وَأَتقَنُ اعتِبَارًا، وَأَيسَرُ لِلحِفظِ، وَأَسرَعُ لِلضّبطِ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ صَدرًا مِن عِلمِ الحَدِيث، وَمَيَّزَ طبَقَاتِ المُحَدِّثِينَ فِي القَدِيمِ وَالحَدِيث.

وَلَمَّا كَانَ هَذَا الكِتَابُ بِهَذِهِ الصِّفَة، وَمُصَنِّفُهُ بِهَذِهِ الحَالَة، ينبغِيَ أَن يَخُصَّ بِفَضلِ عِنَايَة؛ مِن تَصحِيحٍ وَضَبطٍ وَرِوَايَة؛ وَحِفظٍ وَتَفَقُّهٍ وَدِرَايَة.
إِذِ الاعتِنَاءُ بِحَدِيثِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يُشَرِّفُ الأَقدَار؛ وَيُنهِضُ الحُجَّةَ وَيُسَدِّدُ الاعتِبَار؛ وينفع البَصَائِرَ، وَيَفتَحُ الأَبصَار؛ وَيُمَيِّزُ عَنِ الجَهلَةِ، ويُلحِقُ بِالأَئِمَّةِ الأَبرَار، وَيُدخِلُ الجَنَّةَ وَيُنجِي مِنَ النَّار وَقَد أَعَانَ الكَرِيمُ الوَهَّابُ عَلَى الاعتِنَاءِ بِهَذَا الكِتَاب، فَتَلَقَّيتُهُ رِوَايَةً وَتَقيِيدًا عَن جَمَاعَةٍ مِن أَعلَامِ العُلَمَاء؛ وثَافَنتُ (أي جالست) فِي التَّفَقُّهِ فِيهِ بَعضَ سَادَاتِ الفُقَهَاء.

فَممن رَوَيتُ عَنهُ:
الشَّيخُ الفَقِيهُ القَاضِي المُحَدِّثُ الثِّقَةُ الثَّبتُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ ابنُ الشَّيخِ الزّاهِدِ الفَاضِلِ، المُحَدِّثِ المُقِيدِ؛ أَبِي عبد الله مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَفصٍ اليَحصِبِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيهِ، وَهُوَ يُمسِكُ أَصلَهُ نَحوَ المَرَّتَينِ، فِي مُدَّةٍ آخِرُهَا شَعبَانُ سَنَةَ سَبعٍ وَسِتُّمَائَةٍ.
وَالشَّيخُ الفَقِيهُ القَاضِي الأعدَلُ، العَلَمُ الأَعلَمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عبد الله بنُ سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ بنِ حَوطِ الله، قِرَاءَةً عَلَيهِ، وَسَمَاعًا لِكَثِيرٍ مِنهُ، وَإِجَازَةً لِسَائِرِهِ، وَذَلِكَ بِقُرطُبَةَ فِي مُدَّةٍ آخِرُهَا مَا تَقَدَّمَ:
قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا الشَّيخُ الإِمَامُ الحَافِظُ، أَبُو القَاسِمِ خَلَفُ بنُ عَبدِ المَلِكِ بنِ مَسعُودِ بنِ بَشكُوَالَ، قِرَاءَةً عَلَيهِ، عَن أَبِي بَحرٍ بن سُفيَانَ بنِ القَاضِي، سَمَاعًا لِجَميعِهِ إِلَاّ وَرَقَاتٍ مِن آخِرِها أَجَازَهَا لَهُ، عَن أَبِي العَبَّاسِ العُذرِيِّ، قِرَاءَةً غَيرَ مَرَّةٍ، عَن أَبِي العَبَّاسِ بنِ بُندَارَ الرَّازِيِّ، سَمَاعًا بِمَكَّةَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحمَدَ بنُ عَمرُوَيه بن الجُلُودِيُّ، عَن إِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُفيَانَ، عَن أَبِي الحُسَينِ مُسلِمٍ رحمهم الله.
وَقَد رُوِّيتُهُ عَن غَيرِ وَاحِدٍ مِنَ الثِّقَاتِ الأَعلَامِ، قِرَاءَةً وَإِجَازَةً بِمِصرَ وَغَيرِهَا، عَنِ الشَّيخِ الشَّرِيفِ أَبِي المَفَاخِرِ سَعِيدِ بنِ الحُسَينِ المَأمُونِيِّ الهَاشِمِيِّ سَمَاعًا، عَنِ الشَّيخِ الإِمَامِ أَبِي عبد الله مُحَمَّدِ بنِ الفَضلِ بنِ أَحمَدَ الصَّاعِدِيِّ الفَرَاوِيِّ، سَمَاعًا، عَنِ الشَّيخِ أَبِي الحُسَينِ عَبدِ الغَافِرِ الفَارِسِيِّ، سَمَاعًا، عَن أَبِي أَحمَدَ؛ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَقَد رُوِّيتُهُ عَن جَمَاعَةٍ كَثِيرَة؛ بِأَسَانِيدَ عَدِيدَة، وَفِيمَا ذَكَرنَاهُ كِفَايَة، وَالله المُوَفِّقُ لِلهِدَايَة.

وَلَمَّا تَقَاصَرَتِ الهِمَمُ فِي هَذَا الزَّمَانِ عَن بُلُوغِ الغَايَات؛ مِن حِفظِ جَمِيعِ هَذَا الكِتَابِ؛ بِمَا اشتَمَلَ عَلَيهِ مِنَ الأَسَانِيدِ وَالرِّوَايَات، أَشَارَ مَن إِشَارَتُهُ غُنم؛ وَطَاعَتُهُ حَتم إِلَى تَقرِيبِهِ عَلَى المُتَحَفِّظ؛ وَتَيسِيرِهِ عَلَى المُتَفَقِّه؛ بِأَن نختَصَرَ أَسَانِيدُهُ، وَنحذَفَ تَكرَارُه، وَنُنَبَّه عَلَى مَا تَضَمَّنَتهُ أَحَادِيثُهُ بِتَرَاجِمَ تُسفِرُ عَن مَعنَاهَا، وَتَدُلُّ الطَّالِبَ عَلَى مَوضِعِهَا وَفَحوَاهَا ،
فَاستَعَنتُ بِالله تَعَالَى، وَبَادَرتُ إِلَى مُقتَضَى الإِشَارَة؛ بَعدَ أَن قَدَّمتُ فِي ذَلِكَ دُعَاءَ النَّفعِ بِهِ وَالاستِخَارَة، فَاقتَصَرتُ مِنَ الإِسنَادِ عَلَى ذِكرِ الصَّاحِبِ إِلَاّ أَن تَدعُوَ الحَاجَة إِلى ذِكرِ غَيرِهِ فَأَذكُرُهُ لِزِيَادَةِ فَائِدَة؛ وَحُصُولِ عَائِدَة، وَمِن تَكرَارِ المُتُونِ عَلَى أَكمِلِهَا مَسَاقًا، وَأَحسَنِهَا سِيَاقًا، مُلحِقًا بِهِ مَا فِي غَيرِهِ مِنَ الرواية؛ مُحَافِظًا إِن شَاءَ الله تَعَالَى أَلاّ أُغفِلَ مِنهُ شَيئًا مِن مُهِمَّاتٍ الفَوَائِدِ؛
فَإِذَا قُلتُ: عَن أَبِي هُرَيرَةَ مَثَلاً، وَأَفرُغُ مِن مَسَاقِ مَتنِهِ، وَقُلتُ: وَفِي رِوَايَةَ؛ فَأَعنِي: أَنَّهُ عَنُ ذَلِكَ الصَّاحِبِ المُتَقَدِّمِ مِن غَيرِ ذَلِكَ الطَّرِيق. وَرُبَّمَا قَدّمتُ بَعضَ الأَحَادِيثِ وَأَخَّرَت حَيثَمَا إِلَيهِ اضطُرِرت؛ حِرصًا عَلَى ضَمِّ الشَّيءِ لِمُشَاكِلِهِ؛ وَتَقرِيبًا لَهُ عَلَى مُتَنَاوِلِه.
وَقَدِ اجتَهَدتُ؛ فِيمَا رَوَيتُ وَرَأَيتُ؛ وَوَجهَ الله الكَرِيمِ قَصَدتُّ، وَهُوَ المَسؤُولُ؛ فِي أَن يَنفَعَنِي بِهِ وَكُلَّ مَنِ اشتَغَلَ بِهِ، وَيُبَلِّغَنَا المَأمُول، وَأَن يَجعَلَنَا وَإِيَّاهُ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ؛ الهُدَاةِ المُهتَدِينَ، وَهُوَ المُستَعَانُ، وَعَلَيهِ التُّكُلَانُ، وَهُوَ حَسبُنَا وَنِعمَ الوَكِيلُ " .
...يتابع
 

كتاب صحيح مسلم

المقدمة

بَابُ وُجُوبِ الأخذِ عَنِ الثِّقَاتِ، والتَّحذيرِ مِنَ الكَذِبِ عَلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا. . .} الآية، [الحجرات: 6]
وقال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، وقال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]

[1] عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ، وَسَمُرَةَ بنِ جُندَبٍ، قَالا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " مَن حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فهو أَحَدُ الكَذابِينَ ".
رواه أحمد (4/ 252)، والترمذي (2662)، وابن ماجه (39)

[2] وَعَن عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " لَا تَكذِبُوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَن يَكذِب عَلَيَّ يَلِجِ النَّارَ" .

رواه البخاري (106)، والترمذي (2660)، وابن ماجه (31).

[3] وَعَنِ المُغِيرَةَ، قَالَ: سَمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ : " إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ؛ فَمَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَليَتَبَوَّأ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ" .

رواه أحمد (4/ 245 و 252)، والبخاري (1291)

بَابُ \
النَّهيِ عَن أَن يُحَدِّثَ مُحَدِّثٌ بِكُلِّ مَا سَمِعَ


[4] عَن حَفصِ بنِ عَاصِمٍ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كَفَى بِالمَرءِ كَذِبًا أَن يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ " .

قُلتُ: أَكثَرُ النَّاسِ يُرسِلهُ عَن حَفصٍ: لا يَذكُرُ أَبَا هُرَيرَةَ، فَأَسنَدَهُ الرَّازِي وَحدَهُ وهو ثِقَة.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، وابنُ مَسعُودٍ: بِحَسبِ المَرءِ مِنَ الكَذِبِ أن يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: اِعلَم أَنَّه لَيسَ يَسلَمُ رَجُلٌ حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَلَا يَكُونُ إِمَامًا أَبَدًا وهو يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.
- وَعَن سُفيَانَ بنِ حُسَينٍ، قالَ: سَأَلَنِي إِيَاسُ بنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: إِنِّي أَرَاكَ قَد كَلِفتَ بِعِلمِ القُرآنِ، فَاقرَأ عَلَيَّ سُورَةً وَفَسِّر؛ حَتَّى أَنظُرَ فِيمَا عَلِمتَ، قَالَ: فَفَعَلتُ، فَقَالَ لِيَ: احفَظ عَلَيَّ مَا أَقُولُ لَكَ: إِياَّكَ وَالشَّنَاعَةَ فِي الحَدِيثِ! فَإِنَّهُ قلَّمَا حَمَلَهَا أَحَدٌ إِلَاّ ذَلَّ فِي نَفسِهِ، وَكُذِّبَ فِي حَدِيثِه.
- وَعَن عَبدِ اللهِ بنِ مِسعُودٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَنتَ بِمُحَدِّثٍ قَومًا حَدِيثًا لَا تَبلُغُهُ عُقُولُهُم، إِلَاّ كَانَ لِبَعضِهِم فِتنَةً.

رواه أبو داود (4992).

ومعنى بحسب المرء: يكفيه ذلك من الكذب

‌‌(4) بَابُ التَّحذِيرِ مِنَ الكَذَّابِينَ

7 - [5] عَن أَبِي هُرَيرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، يَأتُونَكُم مِنَ الأَحَادِيثِ بِمَا لَم تَسمَعُوا أَنتُم وَلَا آبَاؤُكُم، فَإِيَّاكُم وَإِيَّاهُم! لا يُضِلُّونَكُم، وَلَا يَفتِنُونَكُم.

- وَقَالَ عبد الله: إِنَّ الشَّيطَانَ لَيَتَمَثَّلُ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، فَيَأتِي القَومَ فَيُحَدِّثُهُم بِالحَدِيثِ مِنَ الكَذِبِ، فَيَتَفَرَّقُونَ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنهُم: سَمِعتُ رَجُلاً - أَعرِفُ وَجهَهُ، وَلَا أَدرِي مَا اسمُهُ – يُحَدِّثُ .
-وَقَالَ عَبدُ اللهِ بنُ عَمرِو بنِ العَاصِ: إِنَّ فِي البَحرِ شَيَاطِينَ مَسجُونَةً، أَوثَقَهَا سُلَيمَانُ؛ يُوشِكُ أَن تَخرُجَ فَتَقرَأَ عَلَى النَّاسِ قُرآنًا.

‌‌(5) بَاب : الإِسنَادِ مِنَ الدِّينِ


- قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سِيرِينَ: إِنَّ هذَا العِلمَ دِينٌ؛ فَانظُرُوا عَمَّن تَأخُذُونَ دِينَكُم .
- وَقَالَ: لَم يَكُونُوا يَسأَلُونَ عَنِ الإِسنَادِ، فَلمَّا وَقَعَتِ الفِتنَةُ قَالُوا: سَمُّوا لَناَ رِجَاَلكُم: فَيُنظَرُ إِلى أَهلِ السُّنَّةِ فَيُؤخَذُ حَدِيثُهُم، وَيُنُظَرُ إِلَى أَهلِ البِدَعِ فَلَا يُؤخَذُ حَدِيثُهُم .
- وَقَالَ عَبدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ: الإِسنَادُ مِنَ الدِّينِ، وَلَولَا الإِسنَادُ لَقَالَ مَن شَاءَ مَا شَاءَ.
- وَقَالَ: بَينَنَا وَبَينَ القَومِ القَوَائِمُ، يَعني: الإِسنَادَ.
- وَعَن مُجَاهِدٍ، قَالَ: جَاءَ بُشَيرٌ العَدَوِيُّ إِلَى ابنِ عَبَّاسٍ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُ وَيَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَجَعَلَ ابنُ عَبَّاسٍ لَا يَأذَنُ لِحَدِيثِهِ، وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِ، فَقَالَ: يَا ابنَ عَبَّاسٍ! مَا لِي لَا أَرَاكَ تَسمَعُ لِحَدِيثِي؟ ! أُحَدِّثُكَ عَن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَسمَعُ؟ ! فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: إِنَّا كُنَّا مَرَّةً إِذَا سَمِعنَا رَجُلاً يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ابتَدَرَتهُ أَبصَارُنَا، وَأَصغَينَا إِلَيهِ بِآذَانِنَا، فَلَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعبَ وَالذَّلُولَ، لَم نَأخُذ مِنَ النَّاسِ إِلَاّ مَا نَعرِفُ.

- وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: إِنَّا كُنَّا نُحَدَّثُ عَن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِذ لَم يَكُن يُكذَبُ عَلَيهِ، فَلَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعبَ وَالذَّلُولَ تَرَكنَا الحَدِيثَ عَنهُ.


‌‌(6) بَابُ : الأَمرِ بِتَنزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُم وَوُجُوبِ الكَشفِ عَمَّن لَهُ عَيبٌ مِن رُوَاةِ الحَدِيثِ


[6] عَن عَائِشَة؛ أَنَّهَا قَالَت: أَمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَن نُنَزِّلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُم .
استَدَلَّ بِهِ مُسلِمٌ هَكَذَا وَلَم يُسنِدهُ، وَقَد ذَكَرَهُ أبو دَاوُد فِي مُصَنَّفِه، وَأَبُو بَكرٍ البَزَّارُ فِي مُسنَدِه، وَقَالَ: لا يُعلَمُ إِلا مِن حَدِيثِ مَيمُون بنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَن عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

- وَعَن أَبِي عَقِيلٍ يَحيَى بنِ المُتَوَكِّلِ صَاحِبِ بُهَيَّةَ، قَالَ: كُنتُ جَالِسًا عِندَ القَاسِمِ بنِ عُبَيدِ اللهِ، وَيَحيَى بنِ سَعِيدٍ، وقَالَ يَحيَى لِلقَاسِمِ: يَا أَباَ مُحَمَّدٍ، إِنَّهُ قَبِيحٌ - عَلَى مِثلِكَ - عَظِيمٌ أَن تُسأَلَ عَن شَيءٍ مِن أَمرِ هَذَا الدِّينِ، فَلَا يُوجَدَ عِندَكَ مِنهُ عِلمٌ وَلَا فَرَجٌ، أو عِلمٌ وَلَا مَخرَجٌ. فَقَالَ لَهُ القَاسِمُ: وَعَمَّ ذَاكَ؟ قَالَ: لأَنَّكَ ابنُ إِمَامَي هُدًى؛ ابنُ أَبِي بَكرٍ وَعُمَرَ، قَالَ: يَقُولُ لَهُ القَاسِمُ: أَقبَحُ مِن ذَلِكَ عِندَ مَن عَقَلَ عَنِ اللهِ أَن أَقُولَ بِغَيرِ عِلمٍ، أو آخُذَ عَن غَيرِ ثِقَةٍ، قَالَ: فَسَكَتَ فَمَا أَجَابَهُ.

- وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ لَهُ يَحيَى بنُ سَعِيدٍ: إِنِّي لأُعظِمُ أَن يَكُونَ مِثلُكَ - وَأَنتَ ابنُ إِمَامَي الهُدَى؛ يَعنِي عُمَرَ وَابنَ عُمَرَ - تُسأَلُ عَن أَمرٍ لَيسَ عِندَكَ فيه عِلمٌ، فَقَالَ: أَعظَمُ مِن ذَلِكَ عِندَ اللهِ، وَعِندَ مَن عَقَلَ عَنِ اللهِ، أَن أَقُولَ بِغَيرِ عِلمٍ، أو آخذ عَن غَيرِ ثِقَةٍ.

- وَقَاَلَ يَحيَى بنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ: لَم نَرَ أَهلَ الخَيرِ فِي شَيءٍ أَكذَبَ مِنهُم فِي الحَدِيثِ قَالَ مُسلِمٌ: يَقُولُ: يَجرِي الكَذِبُ عَلَى لِسَانِهِم، وَلَا يَتَعَمَّدُونَ الكَذِبَ.

- وَقَالَ أبو الزِّنَادِ: أَدرَكتُ بِالمَدِينَةِ مِائةً، كُلُّهُم مَأمُونٌ، مَا يُؤخَذُ عَنهُمُ الحَدِيثُ، يُقَالُ: لَيسَ مِن أَهلِهِ.
- وَقَالَ يَحيَى بنُ سَعِيدٍ: سَأَلتُ سُفيَانَ الثَّورِيَّ، وَشُعبَةَ، وَمَالِكًا، وَابنَ عُيَينَةَ، عَنِ الرَّجُلِ لَا يَكُونُ ثَبتًا فِي الحَدِيثِ، فَيأتِينِي الرَّجُلُ فَيَسأَلُنِي عَنهُ؟ فَقَالُوا: أَخبِر عَنهُ أَنَّهُ لَيسَ بِثَبتٍ.
- وَذَكَرَ مُسلِمٌ عَن جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ السَّلَفِ كَابنِ المُبَارَكِ، وَالشَّعبِيِّ، وإِبرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَأَيُّوبَ السَّختِيَانِيِّ، وَغَيرِهِم: التَّنصِيصَ عَلَى عُيُوبِ أَقوَامٍ بِأَعيَانِهِم، وَذَكَرَ كَذِبَ بَعضِهِم، والتَّحذِيرَ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنهُم: بَابًا طَوِيلاً قَالَ فِي آخِرِهِ: وَإِنَّمَا أَلزَمُوا أَنفُسَهُمُ الكَشفَ عَن مَعَايِبِ رُوَاةِ الحَدِيثِ، وَنَاقِلِي الأَخبَارِ، وَأَفتَوا بِذَلِكَ حِينَ سُئِلُوا، لِمَا فِيهِ مِن عَظِيمِ الخَطَرِ؛ إِذِ الأَخبَارُ فِي أَمرِ الدِّيِنِ إِنَّمَا تَأتِي بِتَحلِيلٍ أو تَحرِيمٍ، أو أَمرٍ أو نَهيٍ، أو تَرغِيبٍ أو تَرهِيبٍ؛ فَإِذَا كَانَ الرَّاوِي لَهَا لَيسَ بِمَعدِنٍ الصِّدقِ وَالأَمَانَةِ، ثُمَّ أَقدَمَ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنهُ مَن قَد عَرَفَهُ، وَلَم يُبَيِّن مَا فِيهِ لِغَيرِهِ مِمَّن جَهِلَ مَعرِفَتَهُ: كَانَ آثِمًا بِفِعلِهِ ذَلِكَ، غَاشًّا لِعَوَامِّ المُسلِمِينَ؛ إِذ لا يُؤمَنُ عَلَى بَعضِ مَن سَمِعَ تِلكَ الأَخبَار أَن يَستَعمِلَهَا، أو يَستَعمِلَ بَعضَهَا، وَلَعَلَّهَا أو أَكثَرَهَا أحاديث أَكَاذِيبُ لَا أَصلَ لَهَا.

فَهَذَا البَابُ مَا ذَكَرَهُ فِي صَدرِ كِتَابِهِ.

رواه أبو داود (4842) مرفوعاً من قوله صلى الله عليه وسلم بلفظ: "أنزلوا الناسَ مَنَازلَهُم" وفيه انقطاع
..
يتابع
 

كتاب صحيح مسلم


‌‌(1) كِتَابُ الإِيمَانِ


‌‌(1) بَابُ: مَعَانِي الإِيمَانِ وَالإِسلَامِ وَالإِحسَانِ شَرعًا


[7] عَن يَحيَى بنِ يَعمَرَ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَن قَالَ فِي القَدَرِ بِالبَصرَةِ
مَعبَدٌ الجُهَنِيُّ، فَانطَلَقتُ أَنَا وَحُمَيدُ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ الحِميَرِيُّ - حَاجَّينِ أو مُعتَمِرَينِ - فَقُلنَا: لَو لَقِينَا أَحَدًا مِن أَصحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَسَأَلنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلاءِ فِي القَدَرِ!، فَوُفِّقَ لَنَا عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ دَاخِلاً المَسجِدَ فَاكتَنَفتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي، أَحَدُنَا عَن يَمِينِهِ، وَالآخَرُ عَن شِمَالِهِ، فَظَنَنتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الكَلامَ إِلَيَّ، فَقُلتُ: أَبَا عَبدِ الرَّحمَنِ إِنَّهُ قَد ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقرَؤونَ القُرآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ العِلمَ - وَذَكَرَ مِن شَأنِهِم: وَأَنَّهُم يَزعُمُونَ أَن لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الأَمرَ أُنُفٌ .
فقَالَ: إِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخبِرهُم أَنِّي بَرِيءٌ مِنهُم، وَأَنَّهُم بُرَآءُ مِنِّي، وَالَّذِي يَحلِفُ بِهِ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، لَو أَنَّ لِأَحَدِهِم مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنفَقَهُ، مَا قَبِلَ اللهُ مِنهُ حَتَّى يُؤمِنَ بِالقَدَرِ،
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، قَالَ: بَينَما نَحنُ عِندَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَومٍ إِذ طَلَعَ عَلَينَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعرِ، لَا يُرَى عَلَيهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَسنَدَ رُكبَتَيهِ إِلَى رُكبَتَيهِ، وَوَضَعَ كَفَّيهِ عَلَى فَخِذَيهِ،

وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخبِرنِي عَنِ الإِسلامِ.
فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الإِسلامُ أَن تَشهَدَ أَن لَا إِلهَ إِلَاّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البَيتَ إِنِ استَطَعتَ إِلَيهِ سَبِيلاً.
قَالَ: صَدَقتَ.
قَالَ: فَعَجِبنَا لَهُ يَسأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ.
قَالَ: فَأَخبِرنِي عَنِ الإِيمَانِ؟
قَالَ: أَن تُؤمِنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَومِ الآخِرِ، وَتُؤمِنَ بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ.
قَالَ: صَدَقتَ .
قَالَ: فَأَخبِرنِي عَنِ الإِحسَانِ؟ قَالَ: أن تَعبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِن لَم تَكُن تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ.
قَالَ: فَأَخبِرنِي عَنِ السَّاعَةِ؟ قَالَ: مَا المَسؤُولُ عَنهَا بِأَعلَمَ مِنَ السَّائِلِ. قَالَ: فَأَخبِرنِي عَن أَمَاراتِهَا؟
قَالَ: أَن تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَن تَرَى الحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي البُنيَانِ، قَالَ: ثُمَّ انطَلَقَ ،

فَلَبِثتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ، أَتَدرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ.
قَالَ: فَإِنَّهُ جِبرِيلُ؛ أَتَاكُم يُعَلِّمُكُم دِينَكُم.
...
[8] وعَن أَبِي هُرَيرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: سَلُونِي، فَهَابُوهُ أَن يَسأَلُوهُ،
قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ فَجَلَسَ عِندَ رُكبَتَيهِ، فَقَالَ:
يَا رسولَ الله، مَا الإِسلَامُ ؟

قَالَ: أَلَاّ تُشرِكَ بِاللهِ شَيئًا - فِي رِوَايَةٍ: تَعبُدُ اللهَ، لَا تُشرِكُ بِهِ شَيئًا - وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ - فِي رِوَايَةٍ: المَكتُوبَةَ - وَتُؤتِي الزَّكَاةَ - فِي رِوَايَةٍ: المَفرُوضَةَ - وَتَصُومُ رَمَضَانَ.
قَالَ: صَدَقتَ.
قَالَ: يَا رسولَ الله، مَا الإِيمَانُ؟

قَالَ: أَن تُؤمِنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَتُؤمِنَ بِالبَعثِ الآخر، وَتُؤمِنَ بِالقَدَرِ كُلِّهِ.
قَالَ: صَدَقتَ.
قَالَ: يَا رسولَ الله، مَا الإِحسَانُ؟
قَالَ: أَن تَخشَى اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ؛ فَإِنَّكَ إِن لَا تَكُن تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ.
قَالَ: صَدَقتَ.

قَالَ: يَا رسولَ الله، مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ؟ قَالَ: مَا المَسؤُولُ عَنهَا بِأَعلَمَ مِنَ السَّائِلِ
وَسَأُحَدِّثُكَ عَن أَشرَاطِهَا: إِذَا رَأَيتَ المَرأَةَ تَلِدُ رَبَّهَا، فَذَاكَ مِن أَشرَاطِهَا، وَإِذَا رَأَيتَ الحُفَاةَ العُرَاةَ الصُّمَّ البُكمَ مُلُوكَ الأَرضِ، فَذَاكَ مِن أَشرَاطِهَا، وَإِذَا رَأَيتَ رِعَاءَ البَهمِ يَتَطَاوَلُونَ فِي البُنيَانِ،
فَذَاكَ مِن أَشرَاطِهَا، فِي خَمسٍ مِنَ الغَيبِ لا يَعلَمُهُنَّ إِلا اللهُ، ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيثَ وَيَعلَمُ مَا فِي الأَرحَامِ وَمَا تَدرِي نَفسٌ مَاذَا تَكسِبُ غَدًا وَمَا تَدرِي نَفسٌ بِأَيِّ أَرضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.
ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: رُدُّوهُ عَلَيَّ، فَالتُمِسَ فَلَم يَجِدُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: هَذَا جِبرِيلُ، أَرَادَ أَن تَعَلَّمُوا إِذ لَم تَسأَلُوا.

وَفِي رِوَايَةٍ: إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ بَعلَهَا يَعنِي: السَّرَارِيَّ

***
يتابع