صفة التواضع (روضة العقلاء)

yasma

Moderator
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
2,026
مستوى التفاعل
104
لزوم التواضع . الحثّ على لزوم التواضع ومجانبة الكِبْر :

ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعا … فكَمْ تحتها قومٌ هُمْ مِنْك أَرْفعَ
فإن كنت في عِزِّ وخيرٍ ومنعةٍ … فكَمْ مات مِنْ قومٍ هُمْ منك أمْنعّ

المتواضع يرفعه الله :

قال أَبُو حاتم “ابن حبان” في روضة العقلاء : الواجب على العاقل لزوم التواضع ومجانبة التكبر ولو لم يكن في التواضع خصلة تحمله إلا أن المرء كلما كثر تواضعه ازداد بذلك رفعة، لكان الواجب عليه أن لا يتزين بغيره.
حيث قال رسول الله صلى الله عليه سلم : مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَلا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلا عِزًّا ، وَلا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ .

التواضع المحمود والتواضع المذموم :التواضع نوعان :

أحدهما محمود والآخر مذموم،
الأول :التواضع المحمود : وهو ترك التطاول على عباد الله والإزدراء بهم،
الثاني : التواضع المذموم : هو تواضع المرء لذي الدنيا رغبة في دنياه.

فائدة وثمرة التواضع:

التواضع يرفع المرء قدرا ويعظم له خطرا ويزيده نبلا .

والتواضع يكسب السلامة ، ويورث الألفة، ويرفع الحقد ويذهب الصد،
وثمرة التواضع المحبة كما أن ثمرة القناعة الراحة، وإن تواضع الشريف يزيد في شرفه، كما أن تكبر الوضيع يزيد في ضعته.

كيف يكون التواضع :

والتواضع لله جل وعز على ضربين، أحدهما: تواضع العبد لربه عندما يأتي من الطاعات غير معجب بفعله
وهو يعلم أن المولى جل وعز هو الذي يتفضل عَلَيْهِ بتلك الطاعات ،
وهذا التواضع هو السبب الدافع لنفس العجب عَن الطاعات.

والتواضع الآخر: هو ازدراء المرء نفسه واستحقاره إياها، عند ذكره مَا قارف من المآثم حتى لا يرى أحدا من العالم إلا ويرى نفسه دونه في الطاعات وفوقه في الجنايات.

فالعاقل إذا رأى من هو أكبر سنا منه تواضع له وقال ،سبقني إلى الإسلام ،
وإذا رأى من هو أصغر سنا تواضع له وقال، سبقته بالذنوب،
وإذا رأى من هو مِثْله عدّه أخاً، فكيف يَحْسُن تكبر المرء على أخيه ؟!!

الكِبْر ضد التواضع :

الكِبْر فيه منازعة اللَّه جل وعلا في صفات الجلال ، إذ الكبرياء والعظمة من صفات اللَّه جل وعلا، فمن نازعه إحداهما ألقاه في النار إلا أن يتفضل عَلَيْهِ بعفوه.
وكيف لا يتواضع من خُلِقَ من نطفة مذرة ،وآخره يعود جيفة قذرة ، وهو بينهما يحمل العذرة ؟

التكبر يستجلب البغضة والكراهية ، والتواضع يكسب محبة الله ومحبة الناس .

الفرق بين التواضع والمَهَانة
:

قال ابن القيم في الروح : ومن التواضع المذموم: المهانة،
والفرق بين التواضع والمهانة، أن التواضع: يتولد من بين العلم بالله سبحانه ومعرفة أسمائه وصفاته ونعوت جلاله وتعظيمه ومحبته وإجلاله،
ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها وعيوب عملها وآفاتها فيتولد من بين ذلك كله خلق هو التواضع وهو انكسار القلب لله ،
وخفض جناح الذل والرحمة بعباده فلا يرى له على أحد فضلا ولا يرى له عند أحد حقا بل يرى الفضل للناس عليه والحقوق لهم قبله ،
وهذا خلق إنما يعطيه الله عز وجل من يحبه ويكرمه ويقربه.

وأما المهانة: فهي الدناءة والخسة وبذل النفس وابتذالها في نيل حظوظها وشهواتها كتواضع السفل في نيل شهواتهم وتواضع المفعول به للفاعل وتواضع طالب كل حظ لمن يرجو نيل حظه منه فهذا كله ضعة لا تواضع ،
والله سبحانه يحب التواضع ويبغض الضعة والمهانة.

قلت في التواضع والضعة :

التواضع : هو تكلف النفس وجذبها من عليائها ومنعها من التكبر.

 أما الضعة : أن تهوى بالنفس من الاعتدال للسفالة والحقارة.

****

[highlight=yellow]مع تحيات أبو تامر[/highlight]

 
أعلى أسفل
}