تفسير "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا"

yasma

Moderator
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
2,113
مستوى التفاعل
105
تفسير "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا"


هل عذاب يوم القيامة متوقف على النذير ؟ :


قال تعالى في سورة الاسراء (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) الآية 15
أكثر ائمة المفسرين في تفسيرالآية قالوا: بأن العذاب عام في الدنيا والآخرة ، ولايكون الا بعد أن يبعث الله الرسل .
لكن القول الراجح أن العذاب هنا خاص باستئصال القرى الكافرة في الدنيا فلا يهلكها الله حتى يبعث الرسول فيكذبه أهلها ،
ويوم القيامة سيعذب جميع الكافرين ولو لم يبلغهم خبر الرسل .
وسنقوم بعرض أولا أقوال المفسرين في الآية ،
ثم نطرح أدلة القول الراجح .

تفسير الطبري ” وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا”


يقول تعالى ذكره: وما كنا مهلكي قوم إلا بعد الإعذار إليهم بالرسل، وإقامة الحجة عليهم بالآيات التي تقطع عذرهم.
عن قتادة، قال: إن الله تبارك وتعالى ليس يعذب أحدا حتى يسبق إليه من الله خبرا، أو يأتيه من الله بيِّنة، وليس معذّبا أحدا إلا بذنبه.

تفسير ابن كثير ” وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا”


إخبار عن عدله تعالى، وأنه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه، كقوله تعالى: كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير [الملك: 8- 9] وكذا قوله: وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاؤها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين [الزمر: 71]
وقال تعالى: وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير [فاطر: 37]
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الله تعالى لا يدخل أحد النار إلا بعد إرسال الرسول إليه.

تفسير ابن الجوزي ” وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا”


قال القاضي أبو يعلى: في هذا دليل على أن معرفة الله لا تجب عقلا، وإِنما تجب بالشرع، وهو بعثة الرسل، وأنه لو مات الإِنسان قبل ذلك، لم يقطع عليه بالنار
تفسير ابن عطية :
قالت فرقة هي الجمهور: هذا في حكم الدنيا، أي إن الله لا يهلك أمة بعذاب إلا من بعد الرسالة إليهم والإنذار،
وقالت فرقة: هذا عام في الدنيا والآخرة.
قال القاضي أبو محمد: وتلخيص هذا المعنى: أن مقصد الآية في هذا الموضع الإعلام بعادة الله مع الأمم في الدنيا، وبهذا يقرب الوعيد من كفار مكة، ويؤيد هذا ما يجيء بعد من وصفه ما يكون عند إرادته إهلاك قرية، ومن إعلامه بكثرة ما أهلك من القرون ،

ومع هذا فالظاهر من كتاب الله في غير هذا الموضع ومن النظر أن الله تعالى لا يعذب في الآخرة إلا بعد بعثة الرسل، كقوله تعالى: كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى [الملك: 8- 9] ، وظاهر كُلَّما [الملك: 8] الحصر، وكقوله تعالى: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ [فاطر: 24] .
وأما من جهة النظر فإن بعثة آدم عليه السلام بالتوحيد وبث المعتقدات في نبيه مع نصب الأدلة الدالة على الصانع مع سلامة الفطر يوجب على كل أحد من العالم الإيمان واتباع شريعة الله.

الرأي الراجح في تفسير ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا):


وهو أحد الرأيين اللذين ذكرهما ابن عطية في تفسيره .
قلت.يقول الله تعالى أنه لايعذب الأمم والقرى الكافرة في الدنيا ولا يهلكها إلا بعد أن يبعث لها الرسول ، فمراد الآية عذاب الدنيل وليس عذاب جهنم في الآخرة ،
تماما كما قال الله تعالى في موضع آخر
(وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا) القصص 59.

وأما عذاب الآخرة واستحقاق دخول جهنم فلا يكون بعصيان الرسل فحسب بل يكون لمخالفة الناس فطرتهم ونقضهم الميثاق الذي أخذ منهم يوم خلق آدم ،
وبما رأوا من آيات الله أثناء عمرهم في خلق السموات والأرض وفي أنفسهم وبما وهبهم الله من عقول واسماع وأبصار ،
ثم يزيد الله في عذاب النار للذين بلغهم خبر وبعثة الرسل وكفرهم بهم وبالآيات التي كانت معهم ، وبكفرهم بالتشريعات والأوامر والنواهي التي جاءت بها الرسل،
ثم يضاعف لهم من عذاب الجيم بسوء أعمالهم من كبائر الذنوب كالقتل والزنا والربا وأكل المال بالباطل وغيره .

أدلة الرأي الراجح :أولا: اشكال الرأي الأول :


تفسير الائمة الأول بأن لايعذب أحد في النار الا ببعثة الرسول،
يقتضي أن مشركي مكة الذين ماتوا قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بوقت قصير لن يدخلوا جهنم ، وكذلك الرسل الذين كانوا من قبله ،
ويعارض أصل في الاسلام ( لن يدخل الجنة الا نفس مؤمنة) ،كما جاء في الحديث الصحيح ،

كذلك يعارض الحديث الذي رواه مسلم :
عَنْ أَنَسٍ بن مالك ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ أَبِي؟
قال: ” في النَّارِ ،
فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ، فقال : ” إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ “..

لكن النووي قال في شرحه :

” فيه أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تنفعه قرابة المقربين وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار،
وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم”.انتهى

–وإني أتسائل كيف بلغ جميع هؤلاء العرب دعوة ابراهيم ؟
هل هم رأوا ابراهيم واسماعيل ابنه وعاشوا معه ؟
وهل هم رأوا صحف ابراهيم ورسالة اسماعيل بعد مئات أو آلاف السنين من موتهم عليهم الصلاة و السلام ؟
وماذا عن المسيحيين الذي جاءوا بعد وفاة المسيح وتبدلت رسالته على يد الكنائس طيلة ستمائة سنة حتى بعثة النبي محمد (ص) ؟.
كما أن تفسيرهم الائمة لمعنى الآية هو ضد عدل الله ،
فكيف يعذب من أتاه الرسول ، وفي المقابل ينجو من النار الذين لم يمتحنوا ببعثة الرسول ؟!!!!،
فمثلا عيسى أرسل الى قوم من بني اسرائيل خاصة فكفروا به فكان جزاؤهم النار ، وكان يجاور بني اسرائيل في نفس الأرض ونفس الزمن أهل وثنية وشرك وعبدة ، فكيف ينجو هؤلاء المشركين من عذاب جهنم ، هذا أمر والله لا يعقل .
ثم إن عدد الناس الذين وصلتهم رسالة الرسل قليل مقارنة بأعداد لذين لم تصلهم الدعوة أو خبرها لسرعة نسيان الناس ،
وهم الأغلب من الناس،
وكذلك الناس الذين عاشو زمان لم يكن فيه رسل وهي مايسمى بالفترات
كقوله الله تعالى قوله تعالى ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ،

أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )
الأعراف 172-174
الآية تتحدث عن خطاب الله تعالى مع ذرية آدم واشهادهم على أن الله هو ربهم ، وأن الله سيحاجيهم بهذا الميثاق يوم القيامة،
وأنه لن يقبل حجتهم بقولهم كيف تعذبنا واننا انما أشركنا لأننا أبناء الآباء المشركين ،
اذن فبغض النظر عن حساب كفر الرسالاب وكفر التشريع وعصيان ما امروا به ونهوا عنه ،
فهناك حساب من الله عمن أشرك به ، وترك الفطرة حيث قال تعالى ” فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها “


العقول تهتدي بفطرتها لله :


فالعقول تهتدي الى خالقها ، وبطبيعتها تعرف الرب والتوحيد،
ولا يقدر أي عالم وشيخ أن يكابر في هذا ،
وإنما الجدال والخلاف حين تقديم العقل على النقل فيما شرعه الله من قوانين وتشريعات تنفع الناس في حياتهم ودينهم .
وكما قال أحد الملحدين السابقين ان معرفة الله لاثبت بأديان الرسل ، وانما هي بالعقول التي تنظر في الآيات الكونية .

قال الطبري في تفسير الميثاق :

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر يا محمد ربَّك إذ استخرج ولد آدم من أصلاب آبائهم، فقرَّرهم بتوحيده، وأشهد بعضهم على بعض شهادَتَهم بذلك، وإقرارَهم به.
ويقول تعالى: شهدنا عليكم أيها المقرُّون بأن الله ربكم، كيلا تقولوا يوم القيامة: “إنا كنا عن هذا غافلين”، إنا كنا لا نعلم ذلك، وكنا في غفلة منه
أو تقولوا: (إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم) ، اتبعنا منهاجهم (أفتهلكنا) ، بإشراك من أشرك من أبائنا، واتباعنا منهاجَهم على جهل منا بالحق؟
ويعني بقوله: (بما فعل المبطلون) ، بما فعل الذين أبطلوا في دَعواهم إلهًا غير الله.
وقال ابن كثير :
وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
” يقول الله إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم “

ثالثا : حوادث في الحياة بديل نذير الرسول :


انظر كيف يتعامل الله مع عباده المشركين أو الملحدين الذين لم تبلغه رسالة الرسل ،
حيث يقول تعالى في أحد مشاهدهم في حياتهم ( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ . لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) سورة العنكبوت 65-66

رابعا : إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ :


لنا قول الله تعالى (وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) المائدة
ظاهر عموم قوله تعالى واضح” إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ” ، ولم يخصصه بالمشرك الذي بلغه النذير ،
اذن وعليه ،فكل مشرك مأواه النار وان لم تبلغه رسالة الرسل ،
مادام بلغ سن التكليف والمسائلة .
 
التعديل الأخير:

yasma

Moderator
إنضم
نوفمبر 16, 2021
المشاركات
2,113
مستوى التفاعل
105
خامسا : قوله تعالى (وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا) :

سورة آل عمران ،

حيث يخاطب الله الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ،
قال الطبري: يعني بقوله جل ثناؤه (وكنتم على شفا حفرة من النار) وكنّتم، يا معشر المؤمنين، من الأوس والخزرج، على حرف حُفرةٍ من النار. وإنما ذلك مثَلٌ لكفرهم الذي كانوا عليه قبل أن يهديهم الله للإسلام.
يقول تعالى: وكنتم على طرَف جهنم بكفركم الذي كنتم عليه قبل أن يُنعم الله عليكم بالإسلام، فتصيروا بائتلافكم عليه إخوانًا، ليس بينكم وبين الوقوع فيها إلا أن تموتوا على ذلك من كفركم، فتكونوا من الخالدين فيها، فأنقذكم الله منها بالإيمان الذي هداكم له “.انتهى

سادسا : الرد على حجة القول الأول (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى) ،

أقول :هذا ليس من قبيل الحساب وحجة الملائكة على الداخلين للنار فقد حاسبهم الله من قبل ووزن أعمالهم ،

وإنما قول الملائكة من قبيل التبكيت والتوبيخ لهؤلاء المشركين الذين آتاهم الرسل وزيادة في ايلامهم النفسي .

سابعا : قوله تعالى (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا )

قال تعالى في سورة مريم (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ، ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ، ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا، وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ).

رب العالمين يقسم بأنه تعالى يحشر بني آدم والجنّ والشياطين الذين كانوا يعبدون من دون الله ثم ليحضرنهم حول جهنم جثيا

كقوله : وترى كل أمة جاثية [الجاثية: 28]
وقوله: ثم لننزعن من كل شيعة يعني من كل أمة، وقال قتادة: ” ثم لننزعن من أهل كل دين قادتهم ورؤساءهم في الشر”.
فيبدأ الله بالذين لقوا الرسل وعايشوهم فعصوهم وسخروا منهم وحاربوهم ومنعوا قومهم أن يؤمنوا وفتنوهم في الدين فيكونون أول من يدخل النار،
وقوله: ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا ، المراد أنه تعالى أعلم بمن يستحق من العباد أن يصلى بنار جهنم ويخلد فيها، وبمن يستحق تضعيف العذاب.

ثم يختم الآيات بقوله: ( ثم ننجي الذين اتقوا ) يقول ابن كثير : “أي إذا مر الخلائق كلهم على النار وسقط فيها من سقط من الكفار والعصاة ذوي المعاصي بحسبهم، نجى الله تعالى المؤمنين المتقين منها بحسب أعمالهم”.اهـ
فكيف اذن ينجي الله الذين كفروا وأشركوا مع المؤمنين المتقين لمجرد أنهم لم تبلغهم دعوة الرسل حسب الرأي الأول ؟

(ونذر الظالمين فيها جثيا) وهذا مما يدل على أن ورود جهنم : هو الدخول، لأنه لم يقل: وندخل الظالمين.

قلت معنى وتفسير لفظ (الظالمين ) المتكرر في القرآن أي المشركين باتفاق جميع العلماء ،
وعليه فقد ثبت وظهر قولنا” أن المشركين جميعا مأواهم النار ” ، من بلغته الرسالة أو من لم تبلغه مع إختلاف دركات العذاب .
وبالله التوفيق .
 
أعلى أسفل
}